قرأنا فی الدّروس السّابقة أنَّ لکل جزء من أجزاء وجودنا هدفاً معیناً. فالعین خلقت لهدف، والاذن خلقت لهدف آخر، وکذلک القلب والدّماغ والاعصاب خلقت ولکلّ منها هدف، وحتى خطوط رؤوس أصبعناً لها فی خلقها هدف وحکمة.
إذن، کیف یمکن أنْ یکون کلّ وجودنا بدون هدف و حکمة؟
کذلک قرأنا فی الدّروس السابقة أنَّ الهدف لیس سوى بلوغ الانسان التکامل من جمیع الوجوه.
لاشک أنَّ الوصول الى هذا التکامل یتطلب برامج تعلیمة وتربویة عمیقة تستغرق کل کیان الانسان. لذلک فإنَّ الله سبحانه وتعالى، فضلاً عن کونه قد وهب الانسان فطرته التوحیدیة الطاهرة، ارسل الانبیاء العظام والکتب السماویة للإضطلاع بمهمة قیادة الانسان فی مسیرته التکاملیة.
وفی غضون ذلک، یریه الله أحیاناً انعکاسات ذنوبه ویواجهه ببعض المشکلات و الآلام فی حیاته، للوصول به الى التکامل عن طریق انکشاف عواقب أعماله القبیحة المشؤومة، فیندم ویعود بتوجهه الى الله. فی هذه الحالة یکون بعض المشکلات والحوادث المؤلمة رحمة منالله ونعمة. وفی هذا یقول القرآن الکریم:
(ظَهَرَ الفَسَادُ فِی البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا کَسَبَتْ أیْدِی النَّاسِ لِیُذِیْقَهُم بَعْضَ الّذَی عَمِلُوا لَعَلَّهُم یَرجِعُونَ).(1)
وبهذا تکون نظرتنا الى الحوادث المؤلمة على اساس أنَّها «شرّ وبلاء» وأنَّها تخالف العدالة الالهیة، نظرة بعیدة کل البعد عن المنطق والدّلیل العقلی، إذ إنَّنا کلما إزددنا تعمقاً فی هذا الموضوع إزداد أمامنا وضوح مافیه من حکمة وما وراءه من فلسفة.
فکّر وأجب:
1 ـ ما الهدف من خلقنا؟ وکیف نصل الیه؟
2 ـ کیف یزداد الانسان خبرة وصلابة عن طریق مواجهة المشکلات ومقاومتها؟
3 ـ هل سمعتم أو قرأتم عن أشخاص قویت شکیمتهم واشتدت عزائمهم وبلغوا مناصب مهمّة بسبب احتمالهم المشکلات القاسیة؟ احکوا لنا ما تعرفونه عنهم؟
4 ـ ما الذی یقوله القرآن بشأن نتائج ذنوبنا؟
5 ـ من الذی یتوصل الى نتائج إیجابیة من الحوادث المؤلمة؟ ومن الذی یصل منها الى نتائج سلبیة؟
(1) سورة الرّوم، الآیة 41.
