الدّرس العاشر العدل الالهی ومسألة الخلود

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
دروس فی العقائد الإسلامیة
3 ـ العلم الازلی سبب العصیانالفصل الثّالث

نقرأ فی القرآن الکریم الکثیر من الآیات التی تتحدث عن عقاب بعض الکفار والآثمین المتمثل بـ  (الخلود) فی العذاب والنار.

الآیة 68 من سورة التوبة تقول:

(وَعَدَ اللهُ المُنافِقِیْنَ وَالمُنافِقَاتِ وَالکُفّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدینَ فِیْهَ).

وفیما یلی من تلک الآیة نفسها یعد اللّه عزّوجلّ الرّجال والنّساء بما یلی:

(وَعَدَ اللّهُ المُؤمِنِیْنَ والمُؤمِناتِ جِنَّات تَجْرِی مِنْ تَحْتِها الأنهارُ خَالِدینَ فِیه)

هنا یبرز أمامنا السؤال التالی: کیف یجوز أنْ یعاقب شخص ارتکب إثماً خلال عمره، الذی قد لایتجاوز ثمانین سنة أو مئة، فیعاقب على ذلک بالبقاء فی العذاب ملایین السنین، أو أکثر؟

هذا التساؤل لیس مهماً، بالطبع، بالنسبة للثواب، إذ أنَّ بحر رحمة الله واسع، وکلما ازداد الثواب کان ذلک أدل على رحمته وفضله. ولکن بالنسبة للاعمال السیئة، کیف یمکن أنْ یعاقب المرء على سیئات محدودة بعذاب خالد؟ کیف ینسجم هذا المعنى مع العدالة الإلهیة؟ ألا یجب أنْ یکون هناک نوع من التعادل بین الجریمة والعقاب؟

الجواب:

للوصول الى جواب شاف ونهائی لهذا السّؤال ینبغی أنْ نلاحظ الأُمور التالیة:

أ ـ إنَّ العقوبات یوم القیامة لاتشبه کثیراً العقوبات فی هذه الدنیا، کأن یرتکب أحدهم فی هذه الدّنیا جریمة السّرقة مثلا فیعاقب بالسّجن مدّة معینة، بل إنَّ عقوبات یوم القیامة أکثر ما تکون بهیئة آثار أعمال الانسان وخصائصها.

وبعبارة أوضح، إنَّ العذاب الذی یعانی منه المذنبون فی عالم الآخرة هو نتیجة أعمالهم التی إقترفوها. یقول القرآن فی تعبیر صریح:

(فَالیَومَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً وَلا تُجْزَونَ إلاّ ما کُنْتُم تَعْمَلُونَ).(1)

یولنضرب مث بسیطاً یجسد هذه الحقیقة:

یندفع شخص مافی تعاطی المخدرات والمشروبات الکحولیة وکلما نصحوه بترک هذه المواد السامة التی تضر بمعدته وتضعف قلبه وتحطم أعصابه، لم یجدوا عنده أذنا صاغیة، بل یمضی بضعة أسابیع أو شهور فی الاستمتاع الموهوم بهذه المواد القاتلة حتى تظهر علیه آثار قرحة المعدة وانهیار  الاعصاب وأمراض القلب. ویبقى بعد ذلک طوال عمره یعانی الآلام من تلک الامراض یئن منها لیله ونهاره.

فهل یمکن أنْ نعترض هنا فنقول إنَّ هذا الشخص الذی لم یذنب سوى لبضعة أسابیع أو أشهر، کیف یظل یعانی بقیة عمره ولسنوات عدیدة تلک الآلام ویتحمل کل ذلک العذاب؟ لاشک إنَّ الجواب سیکون فوراً: تلک هی نتائج أعماله، أو حتى لو أُعطى عمر نوح أو أکثر وعاش آلاف السنوات. فانک کلما رأیته یتألم من تلک الامراض قلت: هذا العذاب هو الذی أنزله بنفسه بمحض إرادته وکامل وعیه.

إذن «أکثر» عقوبات یوم القیامة من هذا القبیل وعلیه فلایبقى أی مجال للاعتراض على عدالة الله.

ب ـ من الخطأ أنْ یظن بعضهم أن مدّة العقاب یجب أنْ تتناسب مع مدّة الذنب. لأنَّ العلاقة بین الذّنب وعقابة لیست علاقة زمنیة. بل تتعلق بکیفیة الذنب ونتائجه.

یفقد یقتل شخص رج بریئاً فی لحظة واحدة، فیحکم علیه بالسجن المؤبد حسب قوانین بعض البلدان. فهنا نلاحظ أنَّ زمن الذنب لم یتجاوز بضع لحظات، بینما العقاب یمتد عشرات السنین، ومع ذلک لایعترض أحد على ذلک بأنَّه ظلم، وذلک لأنَّ القضیة هنا لیست قضیه دقائق وساعات وأشهر و سنوات، بل هی قضیة کیفیة الجرم ونتائجه.

ج ـ «الخلود» فی النار والعقاب والأبدی إنَّما یحیق بالذین یغلقون أمام أنفسهم جمیع منافذ النجاة، ویغرقون عن عمد ووعی فی الفساد والکفر والنفاق، بحیث أنَّ ظلام الإثم یغطی جمیع أرجاء وجودهم حتى یصبحوا قطعة من الکفر والعصیان.

وفی هذا یقول القرآن فی تعبیر رائع:

(بَلَى مَنْ کَسَبَ سَیِّئَةً وَأحَاطَتْ بِهِ خَطِیْئَتُهُ فَأُولئِکَ أصْحَابُ النّارِ هُم فِیها خالِدُونَ).(2)

وهؤلاء هم الذین قطعوا کل صلة لهم بالله، واغلقوا فی وجوههم جمیع نوافذ النجاة والسعادة. إنَّهم أشبه بالطّائر الذی یقوم عمداً بکسر أجنحته واحراقها، فیمسی مجبراً على المکوث على الارض دائماً، محروماً من التحلیق فی أجواء السماء العالیة.أذا أخذنا النقاط الثلاث المذکورة بنظر الاعتبار إتضح لنا أنَّ قضیة الخلود فی العذاب الإبدی لبعض المنافقین والکفار لاتتناقض ومبدأ العدالة، لأن الخلود فی العذاب جاء نتیجة لأعمالهم، على الرّغم من أن الانبیاء والرسل قد أبلغوهم أن لتلک الاعمال نتائج مرّة ومشؤومة.

لاریب فی أنَّ الذین لم تصلهم دعوة الانبیاء فارتکبوا ما ارتکبوا من باب الجهل، فان عقابهم لایکون بتلک الشدّة.

 ولابدّ من القول بأنَّه یستفاد من الآیات والاخبار الاسلامیة أنَّ بحر رحمة الله من السّعة والانفتاح بحیث أنَّها تغسل بأمواجها ذنوب الکثیرین من الآثمین:

فبعض بالشفاعة...

وبعض بالعفو والغفران،

وبعض لما قاموابه من أعمال صالحة صغیرة، ولکن الله بعظمته یثیبهم علیها ثواباً عظیماً،

وبعض آخر یقضون فترة العقاب لیتطهروا فی بوتقة التصفیة الالهیة، ثم یعودون الى کنف الرحمة الالهیة.

ولایبقى إلاّ أولئک المعاندون، أعداء الله، الذین أصروا على الظلم والفساد والنفاق حتى استغرقهم ظلام کفرهم وظلالهم کلیاً.

فکّر وأجب

1 ـ کیف یظن بعضهم، أنَّ الخلود فی النّار یتعارض مع العدل الالهی؟

2 ـ هل تشبه عقوبات العالم الآخر العقوبات فی هذه الدنیا؟ فإنْ لم تکن، فکیف هی؟

3 ـ هل تقتضی العدالة أنْ یکون هناک تناسب بین فترة الإثم وفترة العقاب؟

4 ـ من هم الذین یکون عقابهم الخلود فی النار؟

5 ـ من هم الذین یشملهم العفو الالهی؟


(1) سورة یس، الآیة 54.
(2) سورة البقرة، الآیة 81.

 

3 ـ العلم الازلی سبب العصیانالفصل الثّالث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma