لابدّ لنا مبدئیاً أن نعرف أنَّ عقلنا یدرک الى حدّ کبیر «حسن» الاشیاء و «قبحه»، وهذا هو ما یطلق علیه العلماء اسم الحسن و القبح العقلیین.
فمثلاً، نحن نعلم إنَّ العدل والاحسان أمران حسنان، وإنَّ الظلم والبخل أمران قبیحان، وحتى قبل أنْ یتحدث الدین عن هذه الأُمور فإنَّنا نعرفها، على الرّغم من وجود أُمور اُخرى لاتکفی معلوماتنا لادراکها، بل لابدّ لنا أنْ نستعین بارشاد الانبیاء والقادة الالهیین.
ولذلک فمن واضح الخطأ ما ذهب إلیه الاشاعرة المسلمون من إنکار الحسن والقبح العقلیین، وقالوا بأنَّ طریق معرفتها ـ حتى فی حالات واضحة مثل العدل والظلم - هو حکم الشرع والدین، وذلک لأن عقلنا إذا لم یکن قادراً على ادراک الحسن والقبح فکیف یتسنى لنا أنْ نعلم بأنَّ الله لایمنح الکاذب القدرة على الاتیان بمعجزة؟ لکننا إذا أدرکنا أنْ الکذب قبیح، ویستحیل صدوره عنالله، أدرکنا أیضاً أنَّ وعد الله حق، وقوله صدق، فلا یمکن أنْ یؤید الکذب بأنْ یمنح الکاذب القدرة على القیام بمعجزة.
هنا یمکن الاعتماد على ما ورد فی الشرع والدین، ونستنتج من هذا أنَّ الاعتقاد بالحسن والقبح العقلیین أمر دینی.
نعود الآن الى دلائل العدالة الالهیة، ولادراک هذه الحقیقة یجب أنْ نعرف: