1 ـ الحکم النّسبی وقلّة المعرفة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
دروس فی العقائد الإسلامیة
الدّرس الثّالث فلسفة الکوارث والآفات2 ـ الحوادث المنغصة والتحذیرات

إنَّنا نستند عادة فی اصدار احکامنا وتمییز المصادیق على مدى ارتباطنا بالأشیاء، کقولنا أنَّ الشیء الفلانی قریب أو بعید، بالنسبة لموقعنا نحن، أو نقول أنَّ فلاناً ضعیف أو قوی بالقیاس الى حالتنا النفیسة اوالجسمیة. کذلک هی حال أغلب الناس عند اصدار احکامهم على القضایا الخاصة بالخیر والشر والکوارث والآفات.

یفمث، إذا نزل المطر فی منطقة، فلیس یعنینا تأثیره فی المجموع العام، ولا تتعدى نظرتنا محیط حیاتنا وبیتنا و مزرعتنا أو مدینتنا فی الحدّ الاقصى، فاذا کان لهذا المطر تأثیر ایجابی قلنا إنَّه نعمة منالله، وإذا کان تأثیره سلبیاً، أطلقنا علیه اسم «البلاء».

عندما یهدمون عمارة توشک على الانهیار لکی لاعادة بناءها، ولایکون نصیبنا من ذلک سوى الغبار اثناء مرورنا بالمکان، نقول: ما أسوا هذا! على الرّغم من أنَّ المستقبل القریب سوف یشهد بناء مستشفى حدیث على أنقاض العمارة المتهدمة یستفید منه الناس، أو أنِّ لهطول المطر فی المثال السابق تأثیراً مفیداً من حیث المجموع.

إنَّنا فی أحکامنا السطحیة المألوفة نعتبر لسعة الحیّة شرّاً، بغیر أنَّ نعلم أنَّ هذه اللسعة ومافیها من سم إنَّما هی وسیلة دفاع فی هذا الحیوان، وإنَّ هذا السم نفسه یصنع منه دواء شاف قد ینقذ حیاة الآلاف من بنی البشر.

وعلیه، إذا أردنا تحری الدّقة وعدم الوقوع فی شراک الخطأ فعلینا أنْ نلقی نظرة على معلوماتنا المحدودة لکیلا نقیم أحکامنا على مجرد العلائق التی تربط الاشیاء بنا، وبل ینبغی أنْ ننظر الى الأمر من جمیع الجوانب بحیث تکون أحکامنا جامعة شاملة.

إنَّ جمیع حوادث العالم، من حیث الاساس، أشبه بسلسلة مترابطة الحلقات. إنَّ العاصفة التی تهبّ الیوم فی مدینتنا، والامطار الغزیرة التی تهطل، حلقات فی السلسلة المدیدة التی ترتبط بحوادث تجری فی مناطق اُخرى، وکذلک ترتبط بحوادث جرت فی «الماضى» واُخرى سوف تجرى فی «المستقبل».

وعلیه، فإنَّ وضع الاصبع على نقطة صغیرة واصدار حکم حاسم بشأنها بعید عن العقل والمنطق.

بعض أفعال الناس یمکن اعتبارها «شرّاً مُطلق» ولکن إذا کان الامر من جهة خیراً ومن جهة شرّاً مع الغلبة للخیر کالعملیة الجراحیة المؤلمة من جهة والمفیدة من جهات اُخرى ـ یعتبر خیراً نسبیا.

وللتوضیح نعود الى مثال الزلزلة: صحیح أنَّها تؤدی الى الدمار فی مکان معین، ولکننا إذا أخذنا بنظر الاعتبار علائق هذه الظاهرة المتسلسلة بأُمور اُخرى فی الطبیعة لتغیر حکمنا.

هل الزلزلة ترتبط بحرارة باطن الارض والابخرة المتکونة فیه؟

 أم أنَّها ترتبط بقوة جاذبیة القمر التی تجذب ماعلى الارض من جوامد نحوه؟ أم أنها ترتبط بکلیهما؟ إنَّ للعلماء نظریات مختلفة بهذا الخصوص.

ولکن مهما کان السبب، فلابدّ لنا أنَّ ننظر الى الآثار الاُخرى یلهذه الظاهرة. من ذلک، مث، یجب أنْ نعرف تأثیر حرارة باطن الارض فی تکوین منابع النفط الذی یعتبر من أهم مصادر الطاقة فی عصرنا، وکذلک فی تکوین الفحم الحجری و أمثالهما. وعلیه فإنَّ حرارة باطن الارض خیر نسبی.

کذلک الامر مع المدّ والجزر الحاصلین بتأثیر جاذبیة القمر لمیاه البحار، إذ أنَّ لهما أهمیة کبرى فی حرکة میاه البحار والابقاء على حیاة المخلوقات البحریة، وکذلک فی ارواء السواحل الجافة فی المناطق التی تصب فیها المیاه العذبة فی البحر. هذا أیضاً خیر نسبی.

من هذا ندرک أنَّ أحکامنا النسبیة ومعلوماتنا المحدودة هی التی تظهر أمثال هذه الحوادث بصورة نقاط مظلمة على صفحة الخلیقة. وکلما تعمقنا فی التأمل و التفکیر فی العلائق التی تربط هذه الحوادث ببعض أدرکنا أهمیتها.

یقول لنا القرآن المجید:

(یوَمَا أُوتِیْتُم مِنَ العِلْمِ إلاّ قَلِی).(1)

فلا ینبغی لنا بعلمنا القلیل هذا أنْ نتعجل اصدار الاحکام.


(1) سورة الاسراء، الآیة 85.

 

الدّرس الثّالث فلسفة الکوارث والآفات2 ـ الحوادث المنغصة والتحذیرات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma