آخر نقطة أود بحثها فی موضوع «الجبر و التفویض» هی الذریعة التی یتذرع بها بعض الجبریین، وهی علمالله الازلی.
یقولون: هل یعلمالله، إنَّ فلاناً یقوم فی الساعة الفلانیة بجریمة قتل، أویشرب الخمر؟ إذا قلت: لایعلم فقد أنکرت علمالله. وإذا قلت: یعلم فلابدّ لهذا الشخص أنْ یفعل مافعل، وإلاّ کان علم الله مغایراً للواقع.
ومن أجل أنْ یتحقق علم الله، فإنَّ العصاة مجبرون على ارتکاب خطایاهم، کما أنَّ الصالحین مجبرون على القیام باعمالهم الصالحة! إنَّ الذین اتخذوا هذه الذریعة لیخفوا وراءها جرائمهم وآثامهم قد فاتتهم فی الواقع حقیقة واحدة، وهی إنَّنا نقول أنَّ الله عالم منذ الازل بأنَّنا سنقوم بارادتنا وبملء اختیارنا بالاعمال الصالحة أوالطالحة، أی إنَّ اختیارنا وإرادتنا معلومان عندالله عزّ وجلّ، وهذا یعنی أنَّ القول بالجبر یکون خلاف علم اللّه تعالى، فتأمل! اسمحوا لی أنْ اُجسد هذا الموضوع ببعض الاسئلة: لنفرض أنَّ معلماً یعرف أنَّ الطالب الفلانی الکسلان سوف یسقط فی آخر السنة، وأنَّه واثق من ذلک کلّ الثّقة استناداً الى مالدیه من خبرة وتجارب طویلة.
فهل یحق لهذا الطالب، إذا سقط فی النهایة، أنْ یأخذ بخناق هذا المعلم بحجّة أنْ تنبؤه ومعرفته أجبرته على السقوط؟
وإذا ارتفعنا فی أمثلتنا، نقول: لنفرض أنَّ هناک شخصاً معصوماً من الخطأ. وأن هذا الشخص قد علم بأنَّ حدثاً جنائیاً سوف یقع فی الیوم الفلانی، فیرى من المصلحة أنْ یتدخل فی الأمر، فهل علم هذا الشخص المعصوم یرفع المسؤولیة عن المجرم ویعتبره مجبراً على ارتکاب الجریمة؟
مرّة أُخرى أفرض انهم أخترعوا جهازاً یتنبأ بحدوث الحوادث قبل و قوعها بساعات. فتخبر بأنَّ فلاناً سوف یقوم بکامل اختیاره بالعمل الفلانی فی السّاعة الفلانیة. فهل هذه المعلومات تکون سبباً فی اعتبار الشخص مجبراً على أنْ یفعل مایفعل؟
الخلاصة إنَّ علم الله لایجبر أحداً على القیام بعمل أبداً.
فکّر وأجب
1 ـ ما أنواع الهدایة؟ إشرحها.
2 ـ أذکر بعض الآیات التی تنسب الهدایة والضلال الى الله.
3 ـ کیف تفسر الهدایة والضلالة الالهیتین؟
4 ـ مامعنى علم الله الأزلی؟
5 ـ هل یجردنا العلم الأزلی من حریة إرادتنا ویرفع عنّا المسؤولیة؟ إضرب لذلک مثلا.
