لیس من الصعب الجواب على هذا السّؤال، فنحن إذا اعتبرنا الإمامة بمعنى الحکم الظاهرى على جماعة المسلمین، فإنَّ اختیار الحاکم بالرجوع الى آراء الناس أمر متداول.
ولکن إذا کانت الإمامة بالمعنى الذی شرحناه من قبل والذی استقیناه من القرآن الکریم، فلاشک فی أنَّه لیس لأحد الحق فی تعیین خلیفة النّبی سوى الله ورسوله (وبأمر من الله) إذ أن شرط الإمامة بحسب هذا التفسیر هو العلم الوافر بجمیع اُصول الدین
وفروعه، ذلک العلم الذی ینبع من مصدر سماوی ویستند الى علم رسول الله(صلى الله علیه وآله)، لکی یستطیع الحفاظ على الشریعة الاسلامیة.
الشّرط الآخر هو معصومیة الإمام، أی أنْ یکون مصوناً صیانة إلهیة ضد کل خطأ وإثم لکی یستطیع أنْ یتحمل مسؤولیة مقام الإمامة وقیادة الأمة قیادة معنویة ومادیة وظاهریة وباطنیة، کما یجب أنْ یکون متمتعا بالزّهد والتّحرر والتقوى والجرأة، ممّا هو لازم لمن یتصدى للاضطلاع بمهمات هذا المنصب الجلیل.
إنَّ تمییز هذه الصفات فی شخص مالیست مستطاعة إلاّ بوساطة الله ورسولة، فهو الذی یعلم فی من وضع صفة العصمة، وهو الذی یعلم فی من یتوفر حدّ النصاب من العلم والزهد والتحرر والشجاعة والجرأة اللازمة لمقام الإمامة.
إن َّالذین عهدوا باختیار الإمام والخلیفة الى الناس قد غیروا فی الحقیقة المفهوم القرآنی للامامة، وقصروا هذا المفهوم على الحکم العادی وادارة شؤون الناس الدنیویة، وإلاّ فان شروط الإمامة بمعناها الجامع الکامل لا تعرف إلاّ عن طریق الله تعالى لأنَّه هو العالم بهذه الصفات.
إن هذه القضیة أشبه بانتخاب النّبی، فالنّبی لایمکن أنْ ینتخبه الناس بالتصویت، بل إنَّ الله تعالى هوالذی یختاره، ویتعرف علیه الناس عن طریق معجزاته، لأنَّ الصفات اللازم توفرها فی النَّبی لایعرفها إلاّ الله عزّوجلّ .
