الدّرس الثّالث فی أعماقنا مثال لمحکمة یوم القیامة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
دروس فی العقائد الإسلامیة
الایمان بالمعاد عامل تربویالدّرس الرّابع المعاد فی تجلیات الفطرة

لما کانت قضیة الحیاة بعد الموت ومحکمة یوم القیامة العظیمة تعتبر قضیة جدیدة على انسان یعیش فی هذه الدنیا الضیقة یالمحدودة، فإنَّ الله أوجد لنا مث مصغراً لتلک المحکمة فی هذه الدنیا، هی محکمة الضمیر، إلاّ أنَّها کما قلنا صورة مصغرة لها.

دعونا نوضح هذا الموضوع:

یحاکم الانسان على الأعمال التی یقوم بها فی عدّة من المحاکم. أوّلها هی المحاکم البشریة العادیة، بکل ما فیها من ضعف ونقص وانحرافات.

وعلى الرّغم من إنَّ لهذه المحاکم بعض التأثیر فی تخفیف نسبة ارتکاب الجرائم، إلاّ أنَّ الاسس التی أقیمت علیها هذه المحاکم لا تتکفل تحقیق العدالة کاملة، ولا یمکن أنْ ینتظر منها ذلک. فالقوانین الموضوعة والقضاة الفاسدون وتفشی الرشوة والمحسوبیات والمنسوبیات والمناورات السیاسیة وآلاف الأُمور الأخرى تؤدی

 

کلها الى إضعافها الى درجة یمکن القول معها بأنَّ عدمها خیر من وجودها، وذلک لأنَّ وجودها یساعد على تنفیذ مآرب المتنفذین المشؤومة.

وحتى لو کانت قوانینها عادلة. وقضاتها متقین وواعین، فإنَّ هناک الکثیرین من المجرمین القادرین على اخفاء معالم جرائمهم، أو الماهرین الذین یستطیعون تزییف المستندات والأدلة بحیث لایجد القاضی طریقه بوضوح، فیجردون القوانین بذلک من محتواها.

المحکمة الثانیة التی یحاکم فیها الانسان هی محکمة «نتائج الاعمال».

إنَّ لأعمالنا آثاراً ونتائج تصیبنا على المدى القریب أو البعید. وإذا لم یکن هذا حکماً عاماً، فإنَّه یصدق فی الاقل بالنسبة لکثیر من الناس.

لقد رأینا حکومات شیدت حکمها على الظلم والجور والاعتداء وارتکبت کل جریمة شاءت، ولکنها فی النهایة وقعت فی فخاخ نصبتها بنفسها وسقطت فی شباک هی التی نسجت خیوطها، فحاقت بها ردود افعالها، فانهارت وتلاشت حتى لم یبق لها أثر.

ولما کانت نتائج الاعمال هی العلاقة بین العلة والمعلول والعلائق الخارجیة، فقلما استطاع أحد أنْ ینجو من مخالبها

 

بالتزویر والتزییف، کما یفعلون فی المحاکم العادیة. ولکن کل ما فی الأمر إن هذه المحاکم لیست عامّة وشاملة، ولهذا فهی لیست قادرة على جعلنا فی غنى عن محکمة یوم القیامة.

أمّا المحکمة الثالثة، وهی أدق وأقسى من محاکم النوع الثانی، فهی محکمة الضمیر.

وفی الواقع، کما أنَّ المنظومة الشمسیة بنظامها العجیب قد تمثلت مصغرة جداً فی قلب الذّرة، کذلک یمکن القول بأنَّ محکمة یوم القیامة قد تمثلت مصغراً فی داخلنا.

إنَّ فی أعماق الانسان قوة غامضة یطلق علیها الفلاسفة اسم «العقل العملی»، ویسمیها القرآن «النفس اللوّامة»، ویصطلح علیها المعاصرون باسم «الضمیر» أو «الوجدان».

فما أنْ یقوم الانسان بعمل ما، خیراً کان أم شراً، حتى تعقد هذه المحکمة جلسة بدون ضوضاء ولاتشریفات، ولکن بکل جد ووفق الاصول، وتبدأ المحاکمة، ویصدر الحکم، ثواباً أوعقاباً، یتم تنفیذه بهیئة آثار نفسیة.

قد یکون عقاب المجرمین أحیانا من الشدة والقسوة بحیث یتمنى المجرم الموت ویستقبله بکل ترحاب ویفضله على الحیاة، ویکتب فى وصیته: انتحرت تخلصا من عذاب الضمیر!

واحیانا یکون الثواب على عمل الخیر کبیراً یشیع الفرحة والسرور فی نفس فاعله ویضفی علیه حالة من الاطمئنان والهدو

 

النفسی مما یصعب وصف مافیه من العذوبة واللذة.

إنَّ لهذه المحکمة خصائص معینة:

1 ـ فی هذه المحکمة قاضیها وشاهدها ومنفذ أحکامها والمتفرج فیها واحد، وهو الضمیر الذی یشهد ویقضی ویصدر الحکم ثم یشمر عن ساعد الجد وینفذ الحکم.

2 ـ فی هذه المحکمة بخلاف ما یجری فی المحاکم العادیة التی یکثر فیها الضوضاء والمظاهر، وقد تطول فیها محاکمة قضیة واحدة یسنوات طوا ـ تجرى المحاکمة بسرعة البرق فی أکثر الحالات إلاّ إذا اکتنف القضیة بعض الغموض مما یتطلب بعض الوقت لفحص أدلة القضیة وإزاحة سجف الغفلة عن نظر القلب، ولکن بعد التأکد یکون صدور الحکم قطعیاً.

3 ـ الحکم فی هذه المحکمة یتم فی مرحلة واحدة، فلا استئناف ولا تمییز، بل هو حکم نهائی باتّ.

4 ـ هذه المحکمة لاتصدر أحکام العقوبات فقط، بل هی تحکم بالمکافأة والاثابة. أی إنَّها محکمة تنظر فی قضایا المجرمین والمحسنین معا، فتعاقب المسیء وتثیب المحسن.

5 ـ عقوبات هذه المحکمة لاتشبه عقوبات المحاکم العادیة، أذ لیس فیها سجون حقیقیة، ولا سیاط للجلد، ولا أعواد للشنق، ولا محرقة للحرق، ولکن عقابها یکون احیاناً حارقاً وسجنها قاسیاً بحیث إنَّ الدنیا على سعتها تضیق بالانسان، کأضیق سجن انفرادی

 

فی سجن رهیب.

وعلیه، فان هذه المحکمة لا تشبه أیا من المحاکم العادیة، بل هی من نوع محکمة یوم القیامة. إنَّ هذه المحکمة من العظمة بحیث إنَّ القرآن یقسم بها کما یقسم بمحکمة المعاد، فیقول:

(لا أُقْسِمُ بِیَومِ القِیَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوّامَةِ أیَحْسَبُ الانْسَانُ أنْ لَنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قادِرینَ عَلَى أنْ نُسَوِّىَ بَنَانَه)(1)

بدیهی إن هذه المحکمة، لکونها دنیویة على کل حال، فیها من النقائص ما لایجعلنا نستغنی عن محکمة یوم القیامة، وذلک:

1 ـ لأنَّ نطاقها ضیق لایستوعب کل شیء، بل تتناسب مع نطاق تفکیر الانسان نفسه وإدراکه.

2 ـ هنالک أشخاص على درجة من المکر والدهاء بحیث إنَّهم یستطیعون أنْ یخدعوا حتى ضمائرهم ویحرفوها.

3 ـ قد یکون نداء الضمیر فی بعض المجرمین من الضعف بحیث إنَّه لایصل الى مسامعهم.

وهکذا یتبین لنا أنَّ وجود المحکمة الرابعة، محکمة یوم القیامة، أمر لابدّ منه.

فکّر وأجب:

 

1 ـ کم محکمة یحاکم فیها الانسان فی الواقع؟

2 ـ ماهی خصائص المحکمة الاولى، وما اسمها؟

3 ـ ماهی ممیزات المحکمة الثانیة؟

4 ـ ماهی خصائص المحکمة الثالثة؟

5 ـ عدد نقاط ضعف محکمة الضمیر وممیزاتها.


(1) سورة القیامة، الآیات 1 ـ 4.

 

الایمان بالمعاد عامل تربویالدّرس الرّابع المعاد فی تجلیات الفطرة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma