إنَّنا جمیعاً نعرف أشخاصاً عندما غرقوا فی نعمة رکبهم «الغرور» و «حبّ الذات» فنسوا ـ وهم فی هذه الحالة ـ الکثیر من واجباتهم الانسانیة.
کما إننا جمیعاً نعرف أشخاصاً إذا کانوا متنعمین بالرّاحة والدّعة وسارت بهم الاُمور على وتیرة واحدة من الهدوء والاستقرار، إنتابتهم حالة من «السبات والغفلة»، و هی حالة أنَّ دامت عندهم أدّت الى تعاستهم وشقائهم ولا شک أنَّ بعض الحوادث المنغصة هدفها وضع حد لتلک الحالة من الغرور وایقاظ الانسان من سبات غفلته.
لابدّ أنَّکم سمعتم بأنَّ سواق السیارت المجربین یشکون من الطرق الممهدة الصافیة المستقیمة قائلین أنَّ هذه الطرق خطرة، وذلک لأنَّ رتابتها تحمل السائق على الشعور بالنعاس وفی هذه الحالة یکمن الخطر.
ولذلک نجد هذه الطرق فی بعض البلدان قد اصطنعوا لها الانحناءات والمرتفعات والمنخفضات للحیولة دون وقوع السّواق فی مثل تلک الحالات.
إن خطر مسار الحیاة لا یختلف عن ذلک. فاذا خلت الحیاة من المنعطفات والالتواءات والمنخفضات، واذا لم یعتورها أحیاناً بعض المنغصات، استولت على الانسان تلک الحالة من نسیان الله والغفلة عن ذکره وعن القیام بالواجبات الملقاة على عاتقه.
و لا نقول طبعاً أنَّ على الانسان أن یصطنع لنفسه الحوادث المنغصة وأنَّ یستقبل الاحزان، وذلک لأنَّ أمثال هذه الحوادث موجودة دائماً فی حیاة الانسان. ولکننا نرید التذکیر بأن الحکمة فی هذه الحوادث أحیاناً هی الوقوف بوجه الغرور والغفلة والنسیان المعادیة لسعادة الانسان . نکرر القول بأنَّ هذه هی الحکمة من بعض تلک الحوادث، لا کلّها، إذ أنَّ هناک حوادث اُخرى سوف نتحدث عنها إنْ شاء الله.
یقول کتابنا السماوی العظیم:
(فَأخَذْنَاهُم بِالبَأسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَهُم یَتَضرَّعُونَ).(1)
فکّر وأجب
1 ـ من هم الذین طرحوا الکوارث و الآفات فی البحوث العقائدیة؟
2 ـ هات نماذج للکوارث والآفات، وهل صادفتک فی حیاتک؟
3 ـ ماذا نقصد بالحکم النسبی والمطلق، وما هو «الشر المطلق» و «الخیر النسبی»؟
4 ـ هل الأعاصیر والزلازل مضرة دائماً؟
5 ـ کیف یمکن أنْ تکون لمنغصات الحیاة آثار إیجابیة فی نفسیة الانسان؟