بعد کثیر من البحوث والدّراسات، توصل علماء الطبیعة الى أنَّ النباتات والازهار ظهرت فی النصف الثانی من العصر الجیولوجی الثانی. والعجیب أنَّ تلک المرحلة شهدت ظهور الحشرات أیضاً،ومن ذلک الیوم وعلى امتداد تاریخ الخلیقة الطویل استمرت النبتة والحشرة صدیقتین حمیمتین و فیتین، کمل أحدهما وجود الاُخرى.
فلکی تستاثر الزهرة بحب صدیقتها الحشرة و تجتذبها نحوها و (تحلّی فمه) کما یقولون، فإنَّها تختزن (رحیق) عذباً، طیب الطعم فی داخلها. فعندما تقوم الحشرات بالتنقل من زهرة الى اُخرى تمهیدا لعملیة اللّقاح، تضع أرجلها فی الزّهرة وتدخلها، فتُستقبل هناک برحیق حلو لذیذ الطعم بحیث أنَّ الحشرة نجذب إلیه دون اختیار.
یرى بعض علماء النبات أنَّ للون الزهرة ورائحتها دوراً مهماً فی اجتذاب الحشرات إلیها، فقد أثبتت التجارب التی اُجریت على النحل قدرة هذه الحشرة على تمییز الالوان والرّوائح.
وفی الحقیقة أنَّ الأزهار هی التی تتزین و تتجمل من أجل الحشرات لکی تجلب انتباه الفراشات والنحل التی یعجبها اللون والرّائحة والطعم، فتستقبلها فی أحضانها و تهیىء الامور لعملیة الزواج و تتناول طعام العرس أیضاً.
إنَّ (حلاوة) العرس هذه من أفضل الطعام للحشرات، وبخاصة النحل، وبتراکمه یکثر العسل. فالحشرات عند حضورها حفلة العرس تأکل شیئا من طعام العرس، وکالضیف الصفیق، تاخذ بعضاً من ذلک الطعام معها أیضاً الى بیتها تختزنه فیه.
إنَّ عهد الصداقة بین الزهرة و الحشرة، و القائم على تبادل المصالح المشترکة، کان وسیبقى کذلک.
