لو إنَّنا امتطینا سفینة وهمیّة مصنوعة من أمواج النور، تنطلق بسرعة ثلاثمائة الف کیلومتر فی الثّانیة فی هذا الفضاء اللامتناهی، فإنَّنا سوف نحتاج الى الآلاف من مثل عمر نوح حتى نستطیع أنْ نستکشف زاویة من هذا الکون الواسع المترامی الاطراف.
إنَّ هذا الکون باتساعه المخوف لم یخلق عبثاً حتماً. لقد علمنا من دروس «معرفة الله» أنَّ خلق هذا العالم لا ینفع الله بشیء، لانَّه کامل، وغیر محتاج، ولانهایة له، فلیس به نقص لکی یسعى لسدّه عن طریق خلق العالم والبشر.
نستنتج من هذا أنَّ هدفه هو أن یفیض على البشر من جوده ورحمته، لیوصل الکائنات الاخرى الى التکامل، کالشمس التی تشرق بنورها على أهل الارض بغیر أنْ تکون محتاجة الیهم، بل نحن الذین نحتاج الى ضوئها، وإلاّ فما ذا نستطیع فعله لصالح الشمس؟
ثمّ، من جهة اُخرى، هل تکفی معلوماتنا وحدها للسیر بنا فی طریق التکامل وایصالنا الى مرحلة الانسان الکامل من جمیع الوجوه؟
تُرى کم نعرف من أسرار العالم؟ ماهی حقیقة الحیاة؟ متى وجد هذا العالم؟ إنَّ أحداً لایعرف الجواب القاطع عن هذه الاسئلة.
حتى متى سنبقى؟ لا أحد یعرف الجواب کذلک.
و من حیث الحیاة الاجتماعیة والاقتصادیة کل عالم من علماء البشر له رأى أو نظریة.
فبعض یوصون بالرأسمالیة، وفریق آخر یرتأون الاشتراکیة والشیوعیة، وآخرون یرفضون هذا وذلک.
وفی مسائل الحیاة الاخرى تجد مثل هذا الاختلاف قائماً وبکثرة، ویصاب الانسان بالحیرة، ترى أیّها یختار؟
هنا لابدّ لنا من الاعتراف بأنَّنا ـ ولکی نصل الى هدف الخلق الأصیل و هو «نمو الانسان وتکامله وتربیته على جمیع المستویات» ـ نحتاج الى مجموعة من التّعلیمات الصّحیحة والسّلیمة والخالیة من کل خطأ، والمستندة الى حقائق الحیاة الواقعیة، تمکّن الانسان من السیر فی الطریق الطویل الموصل الى هدف الخلق الاصیل.
وهذا لایکون إلاّ عن طریق العلم الإلهی، أی الوحی السماوی الذی ینزل على الانبیاء. ولهذا فإنَّ الله الذی خلقنا لکی نسیر فی هذا الطریق لابدّ له أنْ یتیح لنا مثل هذا العلم وهذه المعرفة.
