إذا أمعنا النظر فی نظام عالم الوجود وسنن الخلق نجد أنَّ ثمة قانوناً یحکمها جمیعاً ویضع کل شیء فی مکان المناسب.
فی جسم الانسان نرى هذا النظام العادل قد رکبّ فیه بدرجة من الدقة المتناهیة بحیث إنَّ أقل اختلال فی توازنه یؤدی به الى الأصابة بالمرض، أوالى الموت.
خذ مثلاً، ترکیب القلب، أو العین، أو الدّماغ، تجد أنَّ کلّ جزء فیها قد رکب فی مکانه المناسب بکل دقة وبالقدر اللازم. إنَّ هذا التنظیم المناسب العادل لایقتصر وجوده فی جسم الانسان، بل هو سائد فی کلّ أجزاء عالم الخلیقة، أذ:
«بالعدل قامت السموات والأرض».
إنَّ حجم الذّرة من الدقة والصغر بحیث أنک تستطیع أنْ تضع ملایین منها على رأس إبره، فتأمل کیف یجب أنْ یکون ترکیبها من الدقة والتنظیم بحیث یمکن لها أنْ تدیم حیاتها ملایین السنین.
إنَّ هذا ناشىء من العدالة فی الحسابات الدقیقة لنظام الالکترونات والبروتونات، وما من جهاز صغیر أو کبیر یخرج عن دائرة هذا النظام العجیب.
فهل الانسان حقّاً کائن استثنائی؟ وإنَّه بقعة سوداء فی جسد هذا العالم الکبیر الأبیض؟ وانَّه لهذا السبب یجب أنْ یسرح ویمرح حراً، لایلتزم نظاماً ویرتکب مایشاء من ظلم واعتداء؟ أم إنَّ هناک سراً فی هذا الأمر؟