المقام الرابع: دعوى نسخ المتعة وجوابها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-2
فی بیان الدلیل على إباحة نکاح المتعة المقام الخامس: فی حکمة هذا الحکم وفلسفته


المقام الرابع: دعوى نسخ المتعة وجوابها
ولکن مع ذلک خالف جمیع فقهاء العامّة إلاّ شاذّ منهم; وقالوا بحرمة المتعة، واستندوا إلى وقوع النسخ فی هذا الحکم بعد قبول أصل الحکم.
ولکن روایات النسخ متعارضة:
الاُولى: ما تدلّ على تحریمها یوم خیبر، مثل ما رواه مسلم بسنده عن علی(علیه السلام): «أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) نهى عن متعة النساء یوم خیبر»(1).
وهذه الروایة وما أشبهها بعیدة عن الصواب قطعاً; لأنّه تضافرت الروایات ـ بل تواترت ـ عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) وأولاده(علیهم السلام) بطرق أهل البیت(علیهم السلام) بأنّ علیاً کان شدیداً فی الدفاع عن إباحتها; حتّى قال: «لولا ما سبقنی به بنی الخطّاب ما زنى إلاّ شقیّ»(2).
الثانیة: ما تدلّ على أنّه(صلى الله علیه وآله وسلم) حرّمها فی عام أوطاس، مثل ما رواه مسلم، عن سلمة: «رخّص رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) عام أوطاس(3) فی المتعة ثلاثاً، ثمّ نهى عنها»(4).
ومثله ما رواه ابن أبی شیبة، وأحمد، ومسلم، عن سلمة بن الأکوع قال: «رخّص لنا رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) فی متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أیّام، ثمّ نهى عنها بعدها»(5).
وظاهر هذه العبارة أنّه أباحها فی أرض أوطاس، ثمّ نهى عنها، لا أنّه کان ذلک فی أرض مکّة; وإن کان فتح مکّه وغزوة حنین کلاهما فی عام واحد.
الثالثة: ما تدلّ على أنّه حرّمها فی أرض مکّة بعد أن أباحها لهم، کما فی «صحیح مسلم»: «أمرنا رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) بالمتعة عام الفتح حین دخلنا مکّة، ثمّ لم نخرج منها حتّى نهانا عنها»(6).
وروى ابن أبی شیبة، وأحمد، ومسلم، عن سبرة قال: «رأیت رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)قائماً بین الرکن والمقام وهو یقول: یا أیّها الناس، إنّی کنت أذنت لکم فی الاستمتاع، ألا وإنّ الله حرّمها إلى یوم القیامة»(7).
وهناک أقوال اُخر:
منها: أنّها کانت مباحة، ونهی عنها فی غزوة تبوک.
ومنها: أنّها اُبیحت فی حجّة الوداع، ثمّ نهی عنها.
ومنها: أنّها ما حلّت إلاّ فی عمرة القضاء.
ومنها: ما قاله الشافعی ـ على ما رواه عنه ابن قدامة فی «المغنی» ـ : «لا أعلم شیئاً أحلّه الله، ثمّ حرّمه، ثمّ أحلّه، ثمّ حرّمه; إلاّ المتعة... وإنّ النبی(صلى الله علیه وآله وسلم) حرّمها یوم خیبر، ثمّ أباحها فی حجّة الوداع ثلاثة أیّام، ثمّ حرّمها»(8).
ومنها: قول آخر لعلّه مستفاد من مجموع الأقوال فی المسألة، وهو أنّها اُبیحت سبعاً، ونسخت سبعاً; نسخت بخیبر، وحنین، وعمرة القضاء، وعام الفتح، وعام أوطاس، وغزوة تبوک، وحجّة الوداع(9).
فیا لله ولهذه الأقوال المتضادّة التی کلّ منها یستند إلى روایة مرویّة غالباً فی کتب الصحاح، أو غیرها من الکتب المشهورة بین القوم!!
ویرد علیها: أنّ نفس هذه المعارضة دلیل على کون هذه الروایات کلّها مخدوشة; لأنّه لا یرى مثلها فی شیء من المسائل الفقهیة وإن کان فیها بعض المعارضات.
إن قلت: یمکن الجمع بینها بأنّها اُبیحت مرّات، ثمّ نسخت مرّات; حتّى استقرّ الأمر على نسخها إلى یوم القیامة.
قلنا: من البعید جدّاً مثل هذا الجمع; لأنّه مخالف لصریح بعض هذه الروایات; وأنّه لم یؤذن فیها إلاّ ثلاثة أیّام عام أوطاس(10).
هذا، مضافاً إلى أنّ مثل هذه الإباحة والنسخ المتکرّر، غیر معهود فی شیء من الأحکام، ولیست المصالح والمفاسد الموجودة فی موارد أحکام الشرع، توجد زماناً بعد زمان، وتنعدم کذلک.
إن قلت: لعلّ إباحتها کانت للاضطرار الحاصل فی الغزوات والحروب الإسلامیة، ونسخها کان لرفع الضرورة.
قلنا: هذا لیس من النسخ فی شیء، بل هو من قبیل وجود الموضوع وعدمه، مثل من اضطرّ إلى أکل لحم المیتة، ثمّ وجد اللّحم الحلال، ثمّ اضطرّ ثانیاً وثالثاً، وأین هذا من النسخ؟! ولازمه تکرار الإباحة عند وجود تلک الشروط والضرورات، وهی فی عصرنا کثیرة أیضاً.
فتحصّل أوّلاً: أنّ النسخ بالسنّة مردود; لتعارض روایات النسخ تعارضاً لایوجد مثله فی أبواب الفقه، وهذا یوجب سریان احتمال الجعل فیها.
وثانیاً: لایجوز نسخ الکتاب بخبر الواحد; فإنّ کلّ طائفة من روایات النسخ ـ مع قطع النظر عن معارضاتها ـ خبر واحد غیر متواتر.
إن قلت: هی على اختلافها متّفقة فی أصل النسخ وإن اختلفت فی زمانه، وهی من هذه الجهة متواترة.
قلنا: قد ثبت فی باب التعادل والترجیح، أنّ الأخبار المتعارضة لا تصلح لنفی الثالث; لأنّ الدلالة المطابقیة إذا سقطت عن الحجّیة، لایمکن الاعتماد على دلالتها الالتزامیة، کما إذا ادّعى شخص أنّ المال له، وثان أنّه له، وثالث... إلى عشرة، وأقام کلّ على مدّعاه بیّنة، فلا یقال: إنّها تنفی ملکیه شخص آخر غیر هؤلاء; لسقوط البیّنات عن الحجّیة بالتعارض، فلا یبقى لها دلالة التزامیة بعد سقوط الدلالة المطابقیة.
وثالثاً: لو سلّمنا صحّة هذه الروایات فی الجملة، فهی لا تقاوم الروایات السابقة الکثیرة السلیمة من هذه العیوب.
هذا کلّه إذا قیل: إنّ الحکم فی المتعة نسخ بالسنّة، وقد عرفت أنّه ضعیف جدّاً.
وقد ذهب بعضهم إلى ما هو أدهى وأضعف من ذلک، وقال: بأنّه نسخ بالآیات القرآنیة، حیث نقل ابن خلّکان فی «وفیات الأعیان» عن یحیى بن أکثم قصّة عجیبة رواها محمّد بن منصور، قال: «کنّا مع المأمون فی طریق الشام، فأمر فنودی بتحلیل المتعة، فقال یحیى بن أکثم لی ولأبی العیناء: بکّرا غداً إلیه، فإن رأیتما للقول وجهاً فقولا، وإلاّ فاسکتا إلى أن أدخل.
قال: فدخلنا علیه وهو یستاک ویقول وهو مغتاظ: متعتان کانتا على عهد رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) وعلى عهد أبی بکر، وأنا أنهى عنهما، ومن أنت یاجُعَل حتّى تنهى عمّا فعله رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) وأبو بکر؟! فأومأ أبو العیناء إلى محمّد بن منصور وقال: رجل یقول فی عمر بن الخطّاب ما یقول، نکلّمه نحن؟! فأمسکنا.
فجاء یحیى بن أکثم فجلس وجلسنا، فقال المأمون لیحیى: ما لی أراک متغیّراً؟ فقال: هو غمّ یا أمیرالمؤمنین لما حدث فی الإسلام.
قال: وما حدث فیه؟
قال: النداء بتحلیل الزنا، قال: الزنا؟! قال: نعم، المتعة زنا.
قال: ومن أین قلت هذا؟ قال: من کتاب الله عزّوجلّ وحدیث رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)قال الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)(11) إلى قوله: (وَالَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلاَّ عَلى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَکَتْ أَیْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَیْرُ مَلُومِینَ* فَمَنِ ابْتَغى وَرَاءَ ذلِکَ فَأُولئِکَ هُمُ العَادُونَ)(12).
یا أمیرالمؤمنین، زوجة المتعة ملک یمین؟ قال: لا، قال: فهی الزوجة التی عند الله ترث وتورث، وتلحق الولد، ولها شرائطها؟ قال: لا، قال: فقد صار متجاوزهذین من العادین.
وهذا الزهری ـ یا أمیر المؤمنین ـ روى عن عبدالله والحسن ابنی محمّد بن الحنفیة، عن أبیهما، عن علی بن أبی طالب(علیه السلام) قال: «أمرنی رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) أن اُنادی بالنهی عن المتعة وتحریمها بعد أن کان أمر بها».
فالتفت إلینا المأمون فقال: أمحفوظ هذا من حدیث الزهری؟ فقلنا: نعم یا أمیر المؤمنین; رواه جماعة، منهم مالک، فقال: أستغفرالله، نادوا بتحریم المتعة، فنادوا بها»(13).
والجواب أوّلاً: أنّ هذا عجیب من هذا الغافل الذی ارتقى إلى مرتبة قاضی القضاة فی عصر المأمون، ویحکى أنّه غلب على فکره وعقله; بحیث لا یعمل شیئاً إلاّ بمشورته، حیث إنّ لازم کلامه أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) أباح الزنا مدّة من الزمان لأصحابه، وهذا جرأة على الله، وعلى رسوله، نعوذ بالله.
وثانیاً: أنّ استناده وکذا غیره من فقهاء العامّة ـ فی وقوع النسخ، أو إثبات حرمة المتعة ـ إلى قوله تعالى: (وَالَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلاَّ عَلى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَکَتْ أَیْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَیْرُ مَلُومِینَ* فَمَنِ ابْتَغى وَرَاءَ ذلِکَ فَأُولئِکَ هُمُ العَادُونَ) فیه مغالطة واضحة; فإنّک قد عرفت أنّ المتعة قسم من الزواج، وقد مرّ إطلاق لفظ «الزواج» على نکاح المتعة کثیراً غایة الکثرة فی الأحادیث المرویة بطرق الفریقین، وکذا فی فتاوى فقهاء العامّه، فمن المستهجن إطلاق عنوان «الزنا» علیها. مع أنّک قد عرفت وجود جمیع شروط عقد النکاح الدائم فیها عدا بعضها.
ویظهر من کلام «الوفیات» أنّ المأمون لم یقبل استدلال یحیى بن أکثم بالآیات، وإنّما قبل استدلاله بالسنّة، والظاهر أنّ رجوعه عن حکمه کان من جهة خوف اتّهامه بترخیص الزنا مع نفوذ کلام یحیى فیه غالباً.
وأمّا التمسّک بآیات إرث الزوجة لتحریم المتعة من باب الزنا، فهو أوهن وأضعف; لأنّ استثناء الزوجة فی العقد الموقّت، لایکون دلیلاً على عدم کونها زوجة; فإنّ الاستثناء من الحکم، لا من الموضوع، أرأیت إن کانت الزوجة کافرة أو قاتلة محرومة من الإرث، هل یصیر هذا دلیلاً على عدم زوجیّتها وکونها امرأة سفاح؟!


(1). صحیح مسلم 3 : 198.
(2). وسائل الشیعة 21 : 5، کتاب النکاح، أبواب المتعة، الباب 1، الحدیث 2.
(3). عام أوطاس: عام الفتح، وهو واد بدیار هوازن، وقد وقعت غزوة حنین فیها فی السنة الثامنة من الهجرة. )منه دام ظلّه(
(4). فتح الباری 9 : 141.
(5). السنن الکبرى، البیهقی 7 : 204.
(6). صحیح مسلم 3 : 196.
(7). صحیح مسلم 3 : 196.
(8). المغنی، ابن قدامة 7 : 572.
(9). اُنظر: الغدیر 6 : 225.
(10). السنن الکبرى، البیهقی 7 : 204.
(11). المؤمنون (23): 1.
(12). المؤمنون (23): 5 ـ 7.
(13). وفیات الأعیان 6 : 149 ـ 150.
 


 

فی بیان الدلیل على إباحة نکاح المتعة المقام الخامس: فی حکمة هذا الحکم وفلسفته
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma