الفرع الأوّل: فی إرضاع بعض محارم الرجل لزوجته الصغیرة
وقد استدلّ له باُمور:
الأوّل: الإجماع علیه من الأصحاب، بل قد عرفت دعوى الإجماع من العامّة أیضاً فی ظاهر کلام «الجواهر».
اللهمّ إلاّ أن یقال: بعد وجود مدارک اُخرى، لا یمکن الاعتماد علیه. ولکنّه مؤیّد قویّ للمدّعى.
الثانی: إطلاقات قولهم(علیهم السلام): «یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب» فإنّها تشمل الاستدامة، کما تشمل الابتداء. والقول بانصرافها إلى الابتداء ضعیف; لعدم الفرق، فلو ثبت کون المرأة الفلانیة اُختاً شرعاً لفلان، کیف یمکن بقاء زوجیتها؟!
الثالث: إطلاق الأدلّة اللفظیة الواردة فی الموارد الخاصّة، مثل ما ورد فی کتاب الله تعالى: (وَأُمَّهَاتُکُمْ اللاَّتِى أَرْضَعْنَکُمْ وَأَخَوَاتُکُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ)(1)، ومثله ما ورد فی الروایات فی شأن الاُخت، أو الأخ الرضاعی، أو غیرهما، فإنّها ـ بإطلاقها، أو عمومها ـ تشمل السابق واللاحق.
الرابع: ما سیأتی ـ إن شاء الله تعالى ـ فی الزوجتین الصغیرة والکبیرة; بناءً على إمکان إلغاء الخصوصیة عنها وشمولها للمقام أیضاً، وإن کان فیه تأمّل.
الخامس: أنّه یمکن الاستدلال له أیضاً بما مرّ من روایة ابن مهزیار فی مسألة نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن، وقد ورد فی الحدیث: «من هاهنا یؤتى، أن یقول الناس: حرمت علیه امرأته من قبل لبن الفحل، هذا هو لبن الفحل»(2).
فإنّ ظاهرها أنّ قول الناس هنا صحیح، ومعناه حرمة الزوجة بقاءً; لصیرورتها فی حکم بنت أبی المرتضع، فلا یحلّ نکاحها، فالاستدلال بها صحیح على مختار المشهور. ومن العجیب ترک استدلالهم بها مع کونها بمرأى ومسمع منهم!!
ولکن قد عرفت الإشکال فی الروایة سنداً ودلالةً، فلا یصحّ على المختار، ویصحّ الاستدلال بها على مذهب المشهور.
وأمّا حکم المهر بعد بطلان النکاح، وحکم من تسبّب فعله فی بطلان النکاح والإضرار بالزوج، فسیأتی الکلام فیه ـ إن شاء الله ـ فی ذیل المسألة الآتیة.

(1). النساء (4): 23.
(2). وسائل الشیعة 20 : 391، کتاب النکاح، أبواب ما یحرم بالرضاع، الباب 6، الحدیث10.