احتیال لإیجاد المحرمیة
تنبیه: إذا کان أخوان فی بیت واحد ـ مثلاً ـ وکانت زوجة کلّ منهما أجنبیّة عن الآخر، وأرادا أن تصیر زوجة کلّ منهما من محارم الآخر حتّى یحلّ له النظر إلیها، یمکن لهما الاحتیال بأن یتزوّج کلّ منهما بصبیّة، وتُرضع زوجةُ کلّ منهما زوجة الآخر رضاعاً کاملاً، فتصیر زوجة کلّ منهما اُمّاً لزوجة الآخر، فتصیر من محارمه، وحلّ نظره إلیها، وبطل نکاح کلتا الصبیّتین; لصیرورة کلّ منهما بالرضاع بنت أخی زوجها.
 
أقول: هذه المسألة ـ کما ذکرنا ـ من ثمرات المسألة السابقة; لأنّه کثیراً ما یسکن الأخوان فی بیت واحد، فیشکل علیهما الأمر; من جهة کون زوجة کلّ منهما غیر محرم على الآخر، ویلزم عند حضور الزوجین فی البیت، أن تحتجب زوجة کلّ منهما بحجاب کامل، وذلک أمر صعب جدّاً.
وهناک طریق سهل جدّاً لتکون زوجة کلّ واحد منهما، محرماً على الآخر، وهو یبتنی على المسألة السابقة، وهی مسألة إرضاع الزوجة الکبیرة للزوجة الصغیرة، فتکون الکبیرة اُمّ الزوجة، فتصیر محرماً; وذلک بأن یتزوّج کلّ من الأخوین بنتاً رضیعة من عرض الناس ـ من أیّ شخص کان ـ بإذن ولیّها، فإذا صارت زوجته یطلب من زوجة أخیه، أن ترضع زوجته الصغیرة رضاعاً کاملا، فتصیر اُمّاً لزوجته، فتکون محرماً، وفی نفس الحال تحرم الصغیرة علیه ویبطل نکاحها; لأنّها صارت بنت أخیه من الرضاع، فتدخل فی عمومات (وَ بَنَاتُ الأخِ) ولکن بعد بطلان نکاح الصغیرة وانفساخه، تبقى محرمیة اُمّ الزوجة بحالها، کما هو واضح، بل تصیر الصغیرة من محارم جمیع هؤلاء الإخوة وآبائهم.
ولکن ذکرنا فی المسألة 2132 من رسالتنا العملیة شرطین لذلک:
أوّلهما: أن یکون فی هذا العقد مصلحة للصغیرة، ولا یبعد إذا کان فیه منفعة لها; من مهر، أو غیره.
ثانیهما: أن تکون المدّة طویلة تقرب من زمن بلوغها; لتکون قابلة لبعض الاستمتاعات، ولو کان النظر بقصد اللذّة، وکان یعلم بأنّ عقدها سوف ینفسخ بعد الرضاع; وذلک لما ذکر فی محلّه من أنّ نکاح الصغیرة ـ کالرضیعة وشبهها ـ لمدّة قصیرة، مشکل جدّاً; لأنّه أمر غیر معهود عند العقلاء، ولایرون مثل هذا الإنشاء أمراً جدّیاً.
إن قلت: أیّ مانع من شمول العمومات له; بعد ترتّب بعض الآثار الشرعیة على هذا النکاح؟!
قلت: ترتّب الأثر إنّما هو فرع صحّة الزوجیة، وقد عرفت أنّها ـ فی نفسها ـ أمر غیر معقول عند العقلاء، فتنصرف عنها الإطلاقات، فإذا کان أصل النکاح فاسداً، لاتصل النوبة إلى الآثار. والتمتّعات الجنسیة بالصغیرة الرضیعة، تعدّ أمراً قبیحاً جدّاً.