2 ـ إیضاح برهان الصدّیقین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
1 ـ برهان الصدّیقین فی الروایات الإسلامیة والأدعیةتمهید

من المناسب أن نفصّل هذا البرهان کما یراه الفلاسفة الإسلامیون، وبسبب تعقید البحث فإنّا سوف نبیّنه قدر الإمکان بتعبیرات واضحة دون استعمال الإصطلاحات الفلسفیة.

ویجب الانتباه قبل کلّ شیء إلى أنّ مزایا برهان الصدّیقین تتمثّل فی عدم التطرّق إلى الدور والتسلسل أو معرفة المؤثّر من خلال الأثر، ومن المخلوق إلى الخالق، ومن الممکن إلى الواجب فی إثبات وجود الله، بل هو تحلیل للوجود نفسه وحقیقة الوجود، وبذلک نصل إلیه من خلال ذاته، وهذا هو المهمّ (وان لوحظ وجود خلط فی عبارات البعض بین هذا الاستدلال واستدلال الوجوب والإمکان وبرهان العلّة والمعلول ـ کما بیّناه فی السابق ـ ووضعوا بعضها موضع البعض الآخر)(1).

وقد ذکرت تعاریف مختلفة لبرهان الصدّیقین منها: (تقدیر صدر المتألّهین فی الأسفار، ثمّ المحقّق السبزواری فی حاشیة الأسفار، ثمّ المرحوم العلاّمة الطباطبائی فی نهایة الحکمة وغیرهم فی کتب اُخرى)، والبیان الأوضح والأنسب دون الرجوع إلى استعمال برهان الوجوب والإمکان، والعلّة والمعلول وبدون الاستناد إلى مسألة الدور والتسلسل أن یقال:

إنّ حقیقة الوجود هی (العینیة) فی الخارج، وبتعبیر آخر هی (الواقعیة) وعدم قبول العدم، لأنّ کلّ شیء لا یتقبّل ضدّه، وبما أنّ (العدم) ضدّ (الوجود) فحقیقة الوجود ـ إذن ـ ترفض العدم.

ومن هنا نستنتج أنّ (الوجود) ذاتاً هو (واجب الوجود) أی أزلی أبدی، وبتعبیر أخر إنّ التدبّر فی حقیقة (الوجود) یرشدنا إلى أنّ (العدم) لا ینفذ إلیه أبداً، وکلّ ما لا یطاله العدم فانّه واجب الوجود (فتأمّل جیّداً).

وأمّا صدر المتألّهین ـ وهو من السابقین إلى هذا الاستدلال ـ فیقول: «واعلم أنّ الطرق إلى الله کثیرة لأنّه ذو فضائل وجهات کثیرة، «ولکلٍّ وجهة هو مولّیها» لکن بعضها أوثق وأشرف وأنور من بعض، وأشدّ البراهین وأشرفها إلیه هو الذی لا یکون فی الوسط فی البرهان غیره بالحقیقة، فیکون الطریق إلى المقصود هو عین المقصود وهو سبیل (الصدّیقین) الذین یستشهدون به (تعالى) علیه، ثمّ یستشهدون بذاته على صفاته وبصفاته على أفعاله، واحداً بعد واحد، وغیر هؤلاء (کالمتکلّمین، والطبیعیین وغیرهم) یتوسّلون إلى معرفته (تعالى) وصفاته بواسطة إعتبار أمر آخر غیره (کالإمکان للمهیّة، والحدوث للخلق، والحرکة للجسم، أو غیر ذلک) وهی أیضاً دلائل على ذاته، وشواهد على صفاته، لکن هذا المنهج أحکم وأشرف.

وقد اُشیر فی الکتاب الإلهی إلى تلک الطرق بقوله (تعالى): ( سَنُرِیهِم آیَاتِنَا فِى الاَفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِم حَتَّى یَتَبَیَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ ) وإلى هذه الطریقة بقوله (تعالى): (أَوَ لَم یَکفِ بِرَبِّکَ اَنَّهُ عَلَى کُلِّ شَىء شَهِیدٌ ).

ثمّ یضیف: وذلک لأنّ الربّانیین ینظرون إلى الوجود، ویحقّقونه ویعلمون أنّه أصل کلّ شیء، ثمّ یصلون بالنظر إلیه إلى أنّه بحسب أصل حقیقته واجب الوجود، وأمّا الإمکان والحاجة والمعلولیة وغیر ذلک فإنّما تلحقه لا لأجل حقیقته بما هی حقیقته، بل لأجل نقائص وأعدام خارجة عن أصل حقیقته»(2).

وباختصار عند ملاحظة الوجود الحقیقی نجد أنّه لا یجتمع مع العدم أبداً، ولا یسمح للعدم أن یتطرّق إلیه وذلک لأنّ الوجود والعدم متقابلان، وهکذا إذا لاحظنا العدم فإنّا نجده یطرد الوجود عن ذاته، وعلیه فإنّ حقیقة الوجود واجبة الوجود، والعدم ممتنع الوجود.

والإشکال المهمّ الذی یتبادر إلى الذهن والذی بادر صدر المتألّهین للإجابة عنه فی الأسفار هو أنّ کلّ موجود ـ وفق هذا الاستدلال ـ یجب أن یکون واجب الوجود، لأنّ هذا الاستدلال یجری فی کلّ مورد فی حین نرى أنّ الممکنات حادثة ولیست أزلیة ولا أبدیة ولا واجبة الوجود.

الإجابة: لابدّ من الإلتفات إلى هذه النقطة وهی أنّ الوجودات الممکنة لیست وجودات أصیلة، بل هی وجودات محدودة ومصحوبة بالعدم وهذا العدم ناشیء من محدودیتها، وما یقال: إنّ الوجودات الممکنة تترکّب من شیئین فانّه یعنی أنّ الوجودات الممکنة فیها نوع من العدم بسبب محدودیتها، وعلیه فإنّ الوجود الممکن لیس وجوداً أصیلا وحقیقیّاً، لأنّ حقیقیة الوجود هی عین الواقعیة ولا سبیل لأی قید أو شرط ونقصان إلیها، ولهذا یکون الوجود الأصیل واجب الوجود حتماً.

ونؤکد ـ بأنّ الوصول إلى حقیقة هذا الاستدلال ـ بالرغم من هذه الإیضاحات ـ یحتاج إلى ریاضة فکریة ودقّة وتعمّق کبیر (فتأمل جیّداً).


1. راجع نهایة الحکمة، ص 268، وشرح مختصر المنظومة ص8 و 9 للشهید المطهّری.
2. راجع الأسفار، ج 1، ص 15 (بتلخیص یسیر)، کما ورد نظیر هذا المعنى فی حاشیة الأسفار للمحقّق السبزواری، ج 8، ص 14.

 

1 ـ برهان الصدّیقین فی الروایات الإسلامیة والأدعیةتمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma