تصرّح الآیة الخامسة بعد أنْ أمَرت المسلمین بأن یکونوا موحّدین مخلصین وأن یترکوا طریق الضلالة والشرک ومن خلال تشبیه ذی معنى کبیر: ( وَمَنْ یُشرِک بِالله فَکَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّیرُ أَوْ تَهوِى بِهِ الرِّیحُ فِى مَکان سَحِیق )(1).
وقد شبّهت الآیة (الإیمان) بـ (السماء العالیة) و(الشرک) بـ (السقوط من هذه السماء) ]لاحظوا أنّ (خرّ) کما یقول اللغویون: یعنی السقوط المقرون بضجّة ولیس المجرّد منها![.
ولیس هذا السقوط سقوطاً بسیطاً بل مکتنف بخطرین عظیمین هما:
أنّ الساقط إمّا أن یکون فریسة للطیور الکاسرة أو یتلاشى بسبب هبوب الریاح العاصفة التی تقذفه فی مکان بعید عن الماء والمناطق المسکونة.
وهذه العبارات المخیفة توضّح الأبعاد الخطیرة والکبیرة للشرک.
وهذه الطیور فی الحقیقة هی الصفات القبیحة الباطنیة أو الفئات المنحرفة فی الخارج والتی تنصب الکمین لتجذب من ینحرف عن جادّة التوحید، و(الریح) هی تلک الشیاطین الذین عبرت عنهم تعالى: (أَلَم تَرَ أَنّا اَرسَلْنَا الشَّیَاطِینَ عَلَى الکَافِرینَ تَؤُّزُهُم أَزّ).(مریم / 83)
حیث تتجه نحو المشرکین وتضع السلاسل فی رقابهم وتسحبهم إلى کلّ جانب، أو أنّها العواصف الاجتماعیة العاتیة والفتن السیاسیة والفکریة والأخلاقیة التی لا یصمد أمامها إلاّ من ثبتت قدماه فی طریق التوحید.
فی الآیة السادسة یُؤمر النبی (صلى الله علیه وآله) بتبیان المحرّمات للناس وفی مقدّمتها الشرک حیث تقول: ( قُلْ تَعالَوا اَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّکمْ عَلَیکُمْ... )(2).
ثمّ تذکر أوامر إلهیّة عشرة عرفت بـ (أوامر النبی العشرة); وأوّلها هو الدعوة إلى التوحید حیث تقول: ( اَلاّ تُشرِکُوا بِهِ شَیئاً ) راجع التفسیر الأمثل للإطّلاع على الشروح والأوامر التسعة المتبقّیة فی ذیل هذه الآیات.