بالرغم من أنّ الطرق إلى الله لا حصر ولا حدود لها ـ وکما یقول بعض العلماء: إنّ السبل إلى الله هی بعدد الخلائق: «الطرق إلى الله بعدد نفوس الخلائق»(1) ـ إلاّ أنّه توجد خمس طرق عقلیة رئیسیة وطریق فطری واحد لإثبات ذات الله المقدّسة، والطرق العقلیة هذه عبارة عن:
1 ـ برهان النظم.
2 ـ برهان الحرکة.
3 ـ برهان الوجوب والإمکان (الفقر والغنى).
4 ـ طریق العلّة والمعلول.
5 ـ برهان الصدّیقین.
والطریق السادس هو طریق (الفطرة) والسلوک (الباطن) والبحث فی أعماق الروح الإنسانیة، ومن الملاحظ أنّ القرآن الکریم قد استند إلى هذه الطرق أجمع، غیر أنّ أشمل البراهین التی یطرحها للمعارضین هو (برهان النظم) الذی یثبت وجود ذلک المبدئ الأزلی وما یملکه من علم وقدرة، وذلک من خلال عرض عجائب الخلق والآثار البدیعة والأنظمة العجیبة فی عالم الوجود ولذا خُصّص أکثر الجزء الثانی من (نفحات القرآن) لشرح هذا البرهان وتبیان موارده ـ وشواهده فی القرآن الکریم.والآن نتابع سائر الطرق القرآنیة لإثبات وجود الله، ثمّ نتحدّث عن قضیّة الفطرة فی ظلّ التوجیهات القرآنیة.
هذه صورة إجمالیة عن أبحاث هذا الجزء.
نؤکّد مرّة اُخرى ونکرر بأنّ هذه الأبحاث لا تُقدّم کأبحاث فلسفیة أو کلامیة، بل کأبحاث فی التفسیر الموضوعی کما تقتضیه طبیعة الکتاب، أی أنّنا نسیر فی هدیّ الآیات القرآنیة ونستضیء بتوجیهات هذا النور الإلهی، ولو کانت ثمّة قضایا اُخر فإنّا سوف نتحدّث عنها تحت عنوان (إیضاحات)، وأبحاثنا ـ فی الحقیقة ـ لا تستوجب غیر ذلک، لأنّها فی غیر هذه الحالة سوف تفقد أصالتها کأبحاث تفسیریة.