1ـ برهان العلّة والمعلول فی الفلسفة والکلام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
استجواب عجیب!2ـ إیضاح برهان العلّیة

یعدّ هذا البرهان من أقدم وأشهر الإستدلالات على إثبات وجود الله ابتداءً من فلاسفة الیونان القدماء ومنهم ارسطو الذی عاش فی القرن الرابع قبل المیلاد وحتّى یومنا هذا حیث کانوا یستندون إلیه، وکما أشرنا من قبل فإنّ أغلب الأدلّة على التوحید تعتبر غیر تامة إذا لم تستند إلى برهان العلیّة.

ولکی تتوضّح قواعد هذا الاستدلال، ینبغی ملاحظة عدّة اُمور:

1 ـ تعریف أصل العلّیة

(العلّیة) هی العلاقة الوجودیة بین شیئین بشکل یکون أحدهما تبعاً للآخر، ومن یرى أنّ علاقة العلّیة عبارة عن ظهور حادثین على التعاقب فإنّ هذا التعریف یکون ناقصاً، فصحیح أنّ المعلول یحدث بعد علّته ولکن ذلک لا یکفی لتوضیح مفهوم العلّیة، بل لابدّ أن یکون هذا الأمر ناشئاً من العلاقة بینهما ومن تبعیة الوجود الثانی إلى الوجود الأوّل.

2 ـ شمولیة قانون العلّیة وسعة تطبیقاتها

طبقاً لما یقوله بعض المحقّقین، کان قانون العلّة والمعلول أوّل قضیّة شغلت الفکر البشری من بین القضایا الفلسفیة ماضیاً وحاضراً ودفعت البشر للتفکیر من أجل اکتشاف ألغاز الوجود، وأهمّ دافع للتفکیر لدى الإنسان الذی یمتلک القدرة على التفکیر هو فهم قانون (العلّة والمعلول العامّ) الذی یثبت أنّ لکلّ حادثة علّة وهو السبب فی تبادر مفهوم (لماذا) فی الذهن البشری، ولو لم یتعرّف الذهن البشری على مفهوم العلّة والمعلول العامّ ولم یذعن لقانون العلّیة لم یکن لیخطر فی ذهنه مفهوم (لماذا)؟(1)

هذه الـ (لماذا) هی الأساس لکلّ العلوم والأفکار البشریة والتی دفعت الإنسان للبحث عن الجذور والنتائج لهذا العالم وحوادثه المختلفة.

وبعبارة اُخرى: إنّ جمیع العلوم البشریة انعکاس لقانون العلّیة، ولو سُلب هذا القانون من البشر فإنّ هذه العلوم سوف تفقد کل محتویاتها.

وکذلک لو فقدنا قانون (العلّیة) فإنّ (الفلسفة) أیضاً سوف تتزعزع بکلّ فروعها، وعلیه فإنّ العلوم والأفکار والفلسفة مبنیّة على هذا القانون.

3 ـ جذور معرفة قانون العلّیة

کیف توصّل الإنسان إلى قانون العلّیة؟

للإجابة عن هذا السؤال لابدّ أن نرجع إلى الوراء لنستقریءَ حیاتنا فی الصغر، عندما ینضج عقل الإنسان وتکتمل قابلیة التمییز لدیه، فالطفل عندما یمدّ یده إلى النار فیحسّ بألم الإحتراق، وعندما یعید هذا العمل ویتکرر الإحساس نفسه یتیقّن شیئاً فشیئاً بوجود علاقة بین أمرین (مسّ النار والشعور بألم الإحتراق).

وهکذا حینما یحس بالعطش ویشرب الماء فانّه یشعر بالراحة وزوال العطش ویتکرّر هذا العمل حتّى یتیقّن بوجود علاقة بین العطش وشرب الماء، وعندما تتکرّر هذه التجارب فی مجالات کثیرة وموضوعات مختلفة یتیقّن بأنّ لکلّ حادثة علّة وبهذا یکتشف قانون العلّیة بشکله العادی البسیط، وبتقدم عمره وبواسطة التجارب التی یمرّ بها سواء على صعید الحیاة الاعتیادیة أو على صعید العلوم والأفکار ـ سیدرک سعة هذا القانون وقوّته أکثر فأکثر (کما یصل إلى هذا المبدأ وهو أنّ لکلّ حادثة علّة عن طریق الفلسفة).

نحن لا نقول بأنّ تعاقب حادثین یعنی العلّیة بل نقول إنّ القضیّة لابدّ من تکرارها حتّى یتّضح وجود علاقة بینهما، وأنّ الثانی تابع للأوّل.

والظاهر أنّ القائلین: إنّ قانون العلّیة خاضع للتجربة. یذهبون إلى أنّ الإنسان یتوصّل إلى الجذور والاُصول عن طریق التجربة والحسّ ومن ثمّ یکتشف علاقة العلّیة من خلال (التحلیل العقلی)، وهو فی الحقیقة یتوصل إلى مقدّمة من خلال (الحسّ) واُخرى من خلال (العقل) وذلک لأنّ القوانین الکلّیة توجد فی العقل بصورة بدیهیة، ودور الحسّ هو إدراک الموضوعات المتفرقة ثمّ یقوم العقل بجمعها فیتوصّل إلى النتائج.

ویتصوّر البعض أنّ مبدأ العلّیة ـ هو عبارة عن علم حصولی ـ یستحصل من العلم الحضوری (النفس) بالنسبة إلى (أفعال النفس).

وفی توضیح کلامهم هذا یقولون أنّ الروح الإنسانیة تحسّ باُمور فی أعماقها تابعة لها وقائمة بها کالتصوّر والأفکار والإرادات والقرارات.. هذه کلّها أفعال الروح الإنسانیة ومعلولة لها، ومن خلال العلاقة بین هذه الأفعال والروح یمکن أن نکتشف قانون العلّیة، ثمّ یستندون فی ذلک إلى قول لإبن سینا حیث یقول: «فإنّا ما لم نثبت وجود الأسباب لمسبّبات من الاُمور بإثبات أنّ لوجودها تعلّقاً بما یتقدّمها فی الوجود، لم یلزم عند العقل وجود السبب المطلق، وأنّ ههنا سبباً ما، وأمّا الحسّ فلا یؤدّی إلاّ إلى الموافاة ولیس إذا توافى شیئان وجب أن یکون أحدهما سبباً للآخر...(2).

ولا شکّ فی أنّ هذا خطأ کبیر ومن المستبعد أن یقصد ابن سینا هذا المعنى لأنّ هذه التحلیلات بشأن الروح وأفعالها هی من اختصاص الفلاسفة لا عموم الناس، فی حین أنّ عامّة الناس یعرفون قانون العلّیة حتّى الأطفال منهم، ولا شکّ فی أنّ ذلک حصل لهم من خلال التجارب الخارجیة والحسّیة کما أسلفنا، غیر أنّ العقل ما لم یحلّل هذه التجارب وما لم یجعل من القضایا الجزئیة أمراً عامّاً، فنحن لا ندرک (قانون العلّیة)، وعلیه فإنّ الأساس فی معرفة هذا القانون هو التجربة إضافة إلى العقل، ولعلّ ابن سینا یقصد ذلک ولا یمکن قبول غیره، بَیدَ أنّا لا ننکر أنّ الفلاسفة والعلماء یسهل علیهم معرفة العلّیة من خلال الأفعال النفسیة کما یمکن ذلک عن طریق الحسّ.

کما أنّ ثمّة طریق استدلال واضح یوصل إلى هذا الأمر، وهو أنّنا لو أنکرنا قانون العلّیة وجب أن لا یکون شیء شرطاً لشیء، وسوف ینشأ کلّ شیء من أی شیء، بل یجب رفض مناهج الاستدلالات العقلیة أیضاً، وللوصول إلى نتیجة منطقیة ـ مثلا ـ یجب أن لا نستفید من أدلّة خاصّة، بل إنّنا نصل من کلّ مقدّمة إلى أیّة نتیجة نتوخّاها، وهذا ما لا یتقبّله أی عاقل قطعاً.

ینبغی إذن أن نذعن بعلاقة العلّیة فی الخارج وفی الاُمور العقلیة.

4 ـ أقسام العلّة

العلّة لها مفهوم واسع وأقسام عدیدة:

العلّة التامّة وتعنی أنّ الشیء إذا وجد فإنّ معلوله سوف یوجد مباشرة.

والعلّة الناقصة وتعنی أنّ الشیء یحتاج ـ فی وصوله إلى المعلول ـ انضمام اُمور اُخرى، کما تقسّم العلّة إلى (العلّة الفاعلیة) و(الغائیة) و(المادّیة) و(الصوریة) وهذه تقسیمات مشهورة یمکن إیضاحها بمثال بسیط:

لو لاحظنا ملابسنا التی نرتدیها لوجدناها لکی توجد یجب توفّر المادّة (کالقطن والصوف) ثمّ تحویلها إلى قماش مناسب ثمّ تباشرها ید الخیّاط لخیاطتها، ومن الأکید أنّ الخیّاط یصنع اللباس لهدف خاصّ وهو الإنتفاع منه.

تعتبر المادّة الأصلیة هی (العلّة المادّیة) والصورة التی اُعطیت لها هی (العلّة الصوریة)

والذی جعلها على صورة اللباس هو (العلّة الفاعلیة) والدافع لهذا الشیء هو (العلّة الغائیة).

ومن المعلوم أنّنا استندنا فی برهان (العلّة والمعلول) الذی نتابعه إلى العلّة الفاعلیة وخاصّة العلّة التامّة.


1. أصول الفلسفة، ج 3، ص 175 (اقتباس واختصار).
2. الشفاء، الفصل 1، مقالة الإلهیات الاُولى، ص 8.

 

استجواب عجیب!2ـ إیضاح برهان العلّیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma