حینما یشرق نور التوحید

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
تمهیداللجوء إلى الله فی الشدائد

بما أنّ تفسیر الآیة الاُولى والثانیة قد مرَّ فی مقدّمة الکتاب خلال بحث الاستدلال على معرفة الله عن طریق الفطرة فإنّا نذکرهما باختصار.

الآیة الاُولى تتحدّث عن أشخاص یدعون الله سبحانه باخلاص عند رکوب السفینة، والآیة الثانیة تطرح القضیّة بصورة عامّة وتتحدّث عن أشخاص یدعون الله عند مواجهة ضَنَک الحیاة وتحیط بهم أمواج المشکلات فیترکون الأصنام التی نحتوها ویَلجأون إلى ظلال لطفه، ولکن بعد إذاقتهم حلاوة رحمته تسلک جماعة منهم طریق الشرک مرّة اُخرى، ومن الملاحظ أنّ فی الآیتین ترکیزاً على الإخلاص والإنابة حیث یتمسّک بهما أغلب الناس عند هبوب عواصف الأحداث إضافةً إلى الترکیز على حالة الرجوع إلى الشرک لدى جماعة کبیرة بعد سکون هذه العواصف.

وبهذا یشیر القرآن الکریم إلى أنّ معرفة الله من مکنونات الفطرة الإنسانیة وهکذا التوحید فی العبادة، ویعتبر الشرک ظاهرة تنشأ من الحیاة المترفة، ومن خلال دراسة سطحیة وعابرة لعالم الأسباب، وعند تغیّر الظروف الإعتیادیة للحیاة وظهور عدم فاعلیة عالم الأسباب یقوم الإنسان بقطع أمله منها وتبرز فطرة عبادة الواحد من وراء سحب العادات المعاشة والغفلة.

إنّ هذه الآیات تبلَّغ نداء الفطرة إلى الغافلین من بنی الإنسان عن طریق واضح وتوصل الإنسان إلى حیث لا یوجد صخب عالم الأسباب ولا الغرق فی لذّات الحیاة.

نعم فی مثل هذه البیئة الطبیعیة والهادئة یسمع نداء الوجدان الذی یلقّنه درس معرفة الله وعبادة الواحد ولکن هذا النداء یضعف ویعجز عن بلوغ الأسماع حینما یمتلیء الجوّ بصخب اللذّات المادیّة وعالم الأسباب.

هذه الآیات الشریفة تمسک بید الإنسان تارةً وتلقی به فی وسط الأمواج العاتیة وتمسک بیده تارةً اُخرى لتودعه خلف قضبان السجن ومیدان الأمراض المستعصیة وطرق مسدودة تبعث الیأس فی الحیاة، مکان تخمد فیه أصوات الشیاطین من الجنّ والإنس ویسمع فیه نداء الوجدان والفطرة فقط، ما أجمل وأروع هذا النداء وهذا الصوت!

الآیة الثالثة تخاطب المشرکین وتدعوهم إلى فطرة عبادة الواحد، وبتعبیر آخر تقول: (قُلْ أَرَأَیْتَکُم إِنْ اَتَاکُمْ عَذَابُ اللهِ أَوْ اَتَتْکُمُ السَّاعَةُ اَغَیْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ کُنْتُمْ صَادِقینَ ).

والمراد من عذاب الله هو عذاب الدنیا والمراد من (أتتکم الساعة) هو ظهور أشراط الساعة (وهی علامات نهایة العالم الموحشة جدّاً وابتداء یوم القیامة) التی أخبر عنها القرآن الکریم فی آیات عدیدة واعتبرتها مقرونة بالخوف والوحشة الشدیدَین.

إنّ الکثیر من المشرکین ـ طبعاً ـ لم یؤمنوا بالقیامة وأشراط الساعة غیر أنّهم کان بوسعهم تصدیق نزول العذاب الإلهی وذلک بملاحظة الآثار التی خلّفتها الاُمم السابقة فی أطراف الحجاز والجزیرة العربیة، وهذا هو أحد أسالیب الفصاحة حیث یبیّن القائل قضیّة صادقة لا یتقبّلها المخاطب مقرونة بما یقبله فی عبارة واحدة کی یثبتا معاً.

ولا ینتظر القرآن لیستمع إجابتهم عن هذا السؤال بل یجیب عنه بما ینبغی علیهم بیانه ویقول: ( بَل إِیَّاهُ تَدْعُونَ فَیَکْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَیهِ اِن شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِکُونَ )

وقد أسلفنا أنّ الکثیر من المفسّرین فسّر جملة (أرأیتکم) بمعنى (أخبرونی)، ولکن الظاهر هو الإحتفاظ بالمعنى الرئیس للجملة وتفسیرهم هذا یلازمه (المعنى الرئیس للجملة هو: هل شاهدتم؟ هل فکّرتم؟)(1).

على أیّة حال فإنّ القرآن فی هذه الآیات یُلزم المشرکین بأعمالهم ویحاججهم بها.


1. الاُولى تعنی الرؤیة بالعین المجرّدة والثانیة تعنی الرؤیة القلبیة.

 

تمهیداللجوء إلى الله فی الشدائد
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma