إنَّ مفهوم (توحید الأفعال) فی تفسیر مبسط وواضح یعنی أنّ الکون بأسره هو فعل الله، وکلّ الأفعال، والحرکات، والتأثیرات، والتأثّرات تنتهی إلى ذاته المقدّسة، وفی الحقیقة (لا مؤثّر فی الوجود إلاّ الله)، فالسیف حینما یقطع والنار حینما تحرق والماء حینما یروی الناس والنباتات کل ذلک بإرادته وأمره، وباختصار فإنّ أثر کلّ موجود یکون مصدره الله سبحانه.

وبعبارة اُخرى: إنّ الموجودات کما أنّها تابعة فی أصل وجودها إلى ذاته فإنّها کذلک فی تأثیرها وفعلها.

ولکن هذا المعنى لا ینفی عالم الأسباب وحاکمیة قانون العلّیة، وطبقاً للحدیث المعروف عن الإمام الصادق (علیه السلام) «أبى الله أَن یُجری الأشیاءَ إلاّ بأسباب»(1).

کما أنّ الإعتقاد بتوحید الأفعال لا یستوجب الإعتقاد بأصل الجبر وسلب الحریّة من إرادة الإنسان، کما ستتمّ الإشارة إلى ذلک لاحقاً بإذن الله.

بهذا التمهید نراجع القرآن الکریم ونبحث عن فروع توحید الأفعال ونذهب أوّلا إلى توحید الخالقیة فنتأمل خاشعین فی الآیات الآتیة:

1 ـ ( ذلِکُمُ اللهُ رَبُّکُم لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ کُلِّ شَىء فَاعْبُدُوهُ وهُوَ عَلى کُلِّ شَىء وَکِیلٌ).(انعام / 102)

2 ـ ( قُلِ اللهُ خَالِقُ کُلِّ شَىء وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ). (رعد / 16)

3 ـ ( هَلْ مِنْ خَالِق غَیرُ اللهِ یَرزُقُکُم مِّنَ السَّماءِ وَالاَْرضِ لاَ اِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَکُونَ).(فاطر / 3)

4 ـ ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاَْرضَ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ لَیَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى یُؤْفَکُونَ). (عنکبوت / 61)

5 ـ ( وَاللهُ خَلَقَکُم وَمَا تَعْمَلُونَ). (صافات / 96)

6 ـ ( أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالاَْمْرُ تَبَارَکَ اللهُ رَبُّ العَالَمِینَ). (اعراف / 54)

1. اُصول الکافی، ج 1، ص183، باب معرفة الإمام، ح 7 .