2 ـ روح العبادة والإحتراز من الإفراط والتفریط

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
1 ـ شجرة توحید العبادة المثمرة3 ـ توحید الوهّابیین المشوب بالشرک

هناک إفراط وتفریط عجیبان فی معنى العبادة کما هو الحال فی الکثیر من القضایا الاُخرى حتّى أنّ بعضاً أفرط إلى حدّ جوّز فیه السجود لغیر الله (مع عدم الاعتقاد بمالکیة وربوبیة المسجود له)، وذکر سجود الملائکة لآدم وسجود اُخوة یوسف بین یدیه کشاهدین على ذلک.

وفی المقابل اعتبر بعض آخر أنَّ الاستغاثة والتوسل بالنبی (صلى الله علیه وآله) والأئمّة(علیهم السلام) وطلب الشفاعة وأداء الاحترام لهم، شرکاً، واعتقدوا بأنّ فاعله مشرک.

وفی الحقیقة أنّه لا یمکن التوفیق بین هاتین العقیدتین.

وللإیضاح نقول: إنّ حقیقة العبادة کما نقلنا عن اللغویین فی بدایة البحث فی شرح المفردات هی: الخضوع المطلق وغایة التواضع والتذلّل أمام المعبود، وهذا العمل مختصّ بالله من وجهة نظر إسلامیة ویکون شرکاً فی العبادة إن کان موجّهاً إلى معبود آخر.

وبعبارة اُخرى إنّ للخضوع والتواضع درجات، درجة منها تحدث أمام الأصدقاء ویقابلها التکبّر علیهم، ودرجة اُخرى تکون أمام أفراد محترمین کالوالدین کما یقول القرآن: (واخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ). (الاسراء / 24)

والدرجة الأکمل تکون أمام الأنبیاء والأئمّة المعصومین(علیهم السلام) حتّى أنّ المسلمین لم یحقّ لهم رفع أصواتهم فوق صوت النبی (صلى الله علیه وآله) بدلیل قوله تعالى: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لاَ تَرفَعُوا أَصْوَاتَکُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ وَلاَ تَجهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ کَجَهرِ بَعضِکُم لِبَعض). (الحجرات / 2)

ولکن آخر مرحلة من الخضوع والتواضع والتذلّل التی نطلق علیها کلمة العبادة والعبودیة هو (السجود).

وعلیه فإنّ الخضوع المطلق وغایة التذلّل (وإن لم یقترن الإعتقاد بالربوبیة والمملوکیة) یکون عبادة ومختّصاً بالله ولهذا لا یجوز السجود لغیره.

ولصاحب تفسیر (المنار) فی تفسیر سورة الحمد کلام فی معنى العبادة ملخّصه: أنَّ العبادة ضربٌ من الخضوع بالغٌ حدَّ النهایة، ناشىء عن استشعار القلب عظمة المعبود لا یعرف منشأها، واعتقاده بسلطة له لا یدرک کنهها وماهیّتها، وقصارى ما یعرفه منها أنّها محیطة به ولکنّها فوق إدراکه، فمن ینتهی إلى أقصى الذلّ لملک من الملوک لا یقال أنّه عبده وإن قبَّل موطىء أقدامه، ما دام سبب الذلّ والخضوع معروفاً وهو الخوف من ظلمه المعهود، أو رجاء کرمه المحدود، اللّهم إلاّ بالنسبة إلى الذین یعتقدون أنّ الملک قوّة غیبیة سماویة اُفیضت على الملوک من الملأ الأعلى، واختارتهم للإستعلاء على سائر أهل الدنیا، لأنّهم أطیب الناس عنصراً وأکرمهم جوهراً، وهؤلاء هم الذین انتهى بهم هذا الإعتقاد إلى الکفر والإلحاد فاتّخذوا الملوک آلهة وأرباباً وعبدوهم عبادة حقیقیة(1).

وللمفسّر الکبیر العلاّمة الطباطبائی (رحمه الله) کلام قریب منه فی تفسیر سورة الحمد فی تفسیر (المیزان) حیث یقول: «الربّ مقصور فی المالکیة والعبد مقصور فی العبودیة».

قد عرفت من سورة الفاتحة أنّ العبادة هی نصب العبد نفسه فی مقام العبودیة وإتیان ما یثبت ویستثبت به ذلک، فالفعل العبادی یجب أن یکون فیه صلاحیة إظهار مولویة المولى، أو عبودیة العبد کالسجود والرکوع والقیام أمامه حینما یقعد والمشی خلفه حینما یمشی وغیر ذلک، وکلّما زادت الصلاحیة ازدادت العبادة تعیّناً للعبودیة وأوضح الأفعال فی الدلالة على عزّ المولویة وذلّ العبودیة، السجدة... لکن الذوق الدینی المتّخذ من الإستیناس بظواهره یقضی باختصاص هذا الفعل به تعالى، والمنع عن استعماله فی غیر هذا المورد(2).

وبناءً على ذلک یستفاد من التدبّر فی موارد استعمال کلمة العبادة فی القرآن والسنّة والاستعمالات الیومیة وشهادة اللغویین أنّ المفهوم اللغوی لهذه الکلمة هو نهایة الخضوع لا الإعتقاد بربوبیة المعبود ومالکیته، ولذا إذا سجد شخص للشمس أو القمر أو النار بسبب برکاتها، أطلق على فعله هذا عبادة الشمس والقمر والنار، وهکذا إذا سجد إنسان لتماثیل الأسلاف أوالملوک والسلاطین وأعلى منه إذا للأئمّة(علیهم السلام) لمقامهم الرفیع فإنّ تلک العبادة غیر جائزة.

ولهذا ینهى القرآن الکریم بصراحة فی آیة السجدة بقوله تعالى: ( لاَ تَسجُدُوا لِلشَّمسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ). (فصلت / 37)

ولهذا أیضاً تکرّر النهى فی الروایات الإسلامیة عن السجود لغیر الله ومنها:

الروایات السبع التی وردت فی (وسائل الشیعة) فی أبواب السجود الباب 27 حیث نقرأ فی إحدى الروایات أنّ النبی (صلى الله علیه وآله) خاطب مشرکی العرب: «اخبرونی عنکم إذا عبدتم صور من کان یعبد الله فسجدتم له أو صلّیتم ووضعتم الوجوه الکریمة على التراب بالسجود بها فما الذی بَقَّیْتُم لربّ العالمین؟ أما علمتم أنّ من حقّ من یلزم تعظیمه وعبادته أن لا یساوی عبیده؟»(3).

وهناک روایات عدیدة تتضمّن الإجابة على السؤال حول کیفیة سجود یعقوب وأبنائه بین یدی یوسف، أو کیفیة جواز سجود الملائکة لآدم.

1 ـ عن أبی الحسن الرضا (علیه السلام): «أمّا سجود یعقوب وولده فإنّه لم یکن لیوسف إنّما کان ذلک منهم طاعةً لله وتحیّةً لیوسف، کما کان السجود من الملائکة لآدم، ولم یکن لآدم إنّما کان ذلک منهم طاعةً لله وتحیّةً لآدم فسجد یعقوب وولده ویوسف معهم شکراً لله لاجتماع شملهم ألا ترى إنّه یقول فی شکره فی ذلک الوقت: ( ربِّ قَد آتَیتنى من المُلک ) الآیة.

2 ـ عن الإمام العسکری (علیه السلام) قال: «لم یکن له سجودهم ـ یعنی الملائکة لآدم إنّما کان آدم قبلة لهم یسجدون نحوه لله عزّوجلّ، وکان بذلک معظّماً مبجّلا له، ولا ینبغی لأحد أن یسجد لأحد من دون الله یخضع له کخضوعه لله ویعظّمه بالسجود له کتعظیمه لله، ولو أمرت أحداً أن یسجد هکذا لغیر الله لأمرت ضعفاء شیعتنا وسائر المکلّفین من متّبعینا أن یسجدوا لمن توسّط فی علوم علی (علیه السلام) وحی رسول الله(صلى الله علیه وآله)ومحض وداد خیر خلق الله علی (علیه السلام) بعد محمّد رسول الله (صلى الله علیه وآله)...» الحدیث.

والنتیجة من هذه الروایات واحدة تقریباً وهی نفی السجود لغیر الله، وقد نقل العلاّمة المجلسی فی (بحار الأنوار) روایات عدیدة فی هذا الباب(4).

وقد ورد فی القصّة المعروفة حول هجرة المسلمین إلى الحبشة، إنّهم حینما دخلوا على النجاشی أمرهم الرهبان المسیحیون بأن یسجدوا للملک، فقال لهم جعفر بن أبی طالب: لا نسجدُ إلاّ لله(5).

إنَّ هذه الروایات تؤکّد عدم جواز السجود لغیر الله وتفسّر حقیقة العبادة.


1. تفسیر المنار، ج 1، ص 56 و 57.
2. تفسیر المیزان، ج 1، ص 22 و 124.
3. وسائل الشیعة، ج 6، ص 386، ح 3.
4. بحار الأنوار، ج 11، ص 138 و 139، ح 2، 3، 4، 6.
5. بحارالانوار، ج 18، ص 420، ح 8 (نقلا عن خرائج الراوندی).

 

1 ـ شجرة توحید العبادة المثمرة3 ـ توحید الوهّابیین المشوب بالشرک
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma