الله بریء من المشرکین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
الجنّة محرَّمة على المشرکینإبراهیم(علیه السلام) الأسوة الحسنة فی مقارعة الشرک

نواجه فی الآیة الثامنة قضیّة جدیدة بهذا الصدد حیث تخاطب المؤمنین: (یَااَیُّها الَّذِینَ آمَنوا اِنَّما المُشْرِکُونَ نَجَسٌ )ثمّ تقول: ( فَلاَ یَقرَبوا المَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعدَ عَامِهِم هَذَا ).

وتتضمّن الآیة التأکید على عدّة جهات:

الأول: أنّها استعملت (إنّما) والتی تدلّ على الحصر، ومفهومها أنّ المشرکین لیسوا إلاّ موجودات فاسدة ونجسة وفی ذلک أکبر تأکید ومبالغة،

والثانی: أنّ (نَجَسْ) یتضمّن معنى المصدر، أی أنّ المشرکین هم عین النجاسة! کما یقال فلان عین العدل، وهذا غایة فی المبالغة(1).

والثالث: أنّها لم تقل: «فلا یُدْخُلُوا المَسجِدَ الحَرامَ» بل (فلا یقربو) بمعنى أنّ المشرکین من القذارة ما یخشى على هذا المکان المقدّس أن یتعرّض لها عند اقترابهم منه!

فی الآیة التاسعة التی نزلت ـ مع مجموعة من الآیات فی السنة التاسعة للهجرة ـ بصفتها إعلاناً عامّاً، نلاحظ إشارة إلى نقطة اُخرى اُمر أمیرالمؤمنین(علیه السلام) بتلاوتها على الناس فی مواسم الحجّ: ( وَاَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ یَوْمَ الْحَجِّ الاَْکبرِ أَنَّ اللهَ بَرِىءٌ مِّنَ المُشْرِکِینَ وَرَسُولُهُ )(2).

والتعبیر بالبراءة من قبل الله ورسوله من المشرکین بوصفه إعلاناً عامّاً فی أکثر أیّام الحجّ حساسیة دلیل على النفور من المشرکین وبیان لضخامة معصیة الشرک بأجلى صوره.

ونلاحظ فی الآیة العاشرة تعبیراً جدیداً، حیث اعتبرت المشرک والمشرکة فی عرض الزانی وقال: (الزَّانِى لاَ یَنْکِحُ إِلاَّ زَانِیةً أَوْ مُشْرِکَةً وَالزَّانِیَةُ لاَ یَنْکِحُهَا إِلاَّ زَان أَوْ مُشْرِکٌ...).

وهذا التعبیر سواء کان لبیان حکم شرعی وإلهی وهو حرمة الزواج من أهل الزنا والشرک أو کان إشارة إلى واقع خارجی وهو أنّ القذر یتبع القذر دائماً، والطیور على أمثالها تقع فهو شاهد بلیغ على قبح معصیة الشرک، لأنّها اعتبرت المشرکین کالملوّثین بالزنا والفاقدین للقیم الخُلُقیة والسجایا الإنسانیة.

والحدیث الوارد عن النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله): «لا یزنی الزانی حِینَ یزنی وهوَ مؤمنٌ ولا یَسرقُ السارقُ حین یسرقُ وهو مؤمنٌ فإنّه إذا فعلَ ذلک خُلِعَ عنهُ الإیمانُ کَخَلع القَمیص»(3)، وهناک شاهد آخر على العلاقة بین هذین، وسیأتی شرحُهُ بإذن الله.

ومن الواضح أنّ زواج المؤمنین من المشرکین باطل وحرام، وأمّا الزواج بأهل الزنا فإنّ بعضاً یرى بأنّهم إن اشتهروا به ولم یتوبوا کان الزواج بهم باطلا أیضاً.

والأحادیث العدیدة التی نقلت عن النبی (صلى الله علیه وآله) والإمام الباقر (علیه السلام) والإمام الصادق (علیه السلام)شاهد آخر على هذا المعنى.

وقد کتب بعض المفسّرین فی شأن نزول هذه الآیة ما یلی: أنّ رجلا من المسلمین استأذن النبی (صلى الله علیه وآله) فی أن یتزوّج (اُمّ مهزول) وهی إمرأة کانت تسافح ولها رایة على بابها تعرف بها، فنزلت الآیة(4).

الآیة الحادیة عشرة بیّنت أهمیّة التوحید وقبح الشرک ولکن بتعبیر آخر، حیث وجهت أمراً إلى النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) (قُل اِنَّما اُمِرْتُ اَنْ اَعْبُدَ اللهَ وَلاَ اُشْرِکَ بِهِ ).

والتعبیر بـ (إنّما) الدالّة على الحصر عادةً دلیل على أنّ دعوة النبی(صلى الله علیه وآله) تتلخّص فی قضیّة التوحید ورفض الشرک(5)، وهو الحقّ، لأنّ التوحید قوام التعلیمات السماویة کلّها، کما أنّ الشرک هو أساس الوساوس الشیطانیة کلّها.

وتؤکّد الآیة فی ذیلها تأکیداً مضاعفاً: (إِلَیْهِ أَدْعُوا وَإِلَیهِ مَآبِ ).

الآیة الثانیة عشرة تتحدّث عن النبی نوح (علیه السلام) وهو أوّل الأنبیاء من اُولی العزم حیث جعل الأساس فی دعوته هو الدعوة إلى التوحید ورفض الشرک، والملاحظ أنّ هذا التعبیر ورد أیضاً عن الکثیر من الأنبیاء، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّى لَکُمْ نَذیرٌ مُّبِینٌ ) وتضیف: (أَن لاَّ تَعْبُدوا إِلاَّ اللهَ إِنِّى أَخَافُ عَلَیْکُمْ عَذَابَ یَوْم أَلِیم ).

وتکرار هذا الکلام من قبل الأنبیاء من لدن نوح وحتّى رسول الإسلام الأکرم (صلى الله علیه وآله) دلیل على أنّ السنام الأعلى فی دعوة الأنبیاء، هو قضیّة التوحید ومقارعة الشرک وهو القاسم المشترک بین الدیانات السماویة، ولذا نقرأ فی قوله تعالى: (قُل یَا أهْلَ الکِتَابِ تَعَالوا إِلَى کَلِمة سَوَاء بَیْنَنا وَبَینَکُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشرِکَ بهِ شَیْئاً وَلاَ یَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّنْ دُونِ اللهِ). (آل عمران / 64)

وهذا أصل ثابت لم یتغیّر بمرور الزمان ولم یکن أمراً وقتیاً، بل هو الأساس الثابت فی الدیانات السماویة کلّها، وکلّ ما یتعرّض له أهل الدیانات المختلفة من مآس، ناشیء من الانحراف عن هذا الأصل.

وفی الآیة الثالثة عشرة تعبیر جدید عن هذا المعنى وتلخّص دعوة الأنبیاء (علیهم السلام)باستخدام الأداة (إنّما) الدالّة على الحصر فی قضیّة التوحید حیث تقول: (قُلْ اِنَّمَا یُوحى اِلیَّ اَنّمَا اِلهُکُم إِلهٌ وَاحِدٌ فَهَل اَنتُم مُّسلِمُونَ ).


1. «نَجسْ» مصدر و«نجِس» صفة وهذه الکلمة کما یقول الراغب فی المفردات:
النجاسة: القذارة وذلک ضربان: ضرب یدرک بالحاسّة وضرب یدرک بالبصیرة (المفردات مادّة (نجس)، ص 503) وفی التفسیر مجمع البیان، ج 5، ص 20 کلّ مستقذر نجس، یقال: رجل نجس وامرأة نجس، المجمع.
2. فسّر الکثیر من المفسّرین (یوم الحجّ الأکبر) بعید الأضحى وهو أهمّ أیّام الحجّ، والروایات الواردة عن أئمّة أهل البیت(علیهم السلام) وأبناء السنّة تؤیّد هذا المعنى، فی حین فسّره بعضهم بیوم عرفة وبعضهم الآخر بمجموع أیّام الحجّ التی یطلق علیها (الحجّ الأکبر) وتقابل العمرة وهی (الحجّ الأصغر )، وقد خصّصها آخرون بسنة نزول الآیة حیث شارک المسلمون والمشرکون فی مراسم الحجّ فی تلک السنة، وواضح أنّ التفسیر الأوّل هو الأرجح من هذه الاحتمالات الأربعة.
3. تفسیر نور الثقلین، ج 3، ص 571، ح 20.
4. تفسیر مجمع البیان، ج 7، ص 125.
5. ولو افترضنا هذا الحصر حصراً إضافیاً فإنّه یدلّ أیضاً على أنّ العبودیة کلّها تتلخّص فی العبودیة لله (فتأمّل جیّداً).

 

الجنّة محرَّمة على المشرکینإبراهیم(علیه السلام) الأسوة الحسنة فی مقارعة الشرک
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma