1 ـ برهان الوجوب والإمکان من الناحیة الفلسفیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
حاجة الجمیع إلى الله2 ـ برهان الغنى والفقر فی الروایات الإسلامیة

وهو من البراهین القابلة للفهم، حیث یمکن بیانه بلسان عامّة الناس، وکذلک بواسطة التعبیرات والاصطلاحات الفلسفیة الخاصة، وبتعبیر بسیط عندما نرجع إلى وجودنا نجد أنَّ وجودنا برمّته فی حالة احتیاج ولا یؤَمن الاحتیاج من الداخل، ومن أجل تأمین هذا الاحتیاج یجب أن نمد الدنیا خارج وجودنا، وکما یقول المثل کلما ازداد الغنى ازدادت الحاجة فکلّما تضاعفت قوّة الإنسان فی الظاهر (مادیّاً أو معنویّاً) توسّعت دائرة احتیاجاته، فالطیر فی الصحراء یکتفی بقلیل من الماء والحبّ وعشّ مؤلّف من بعض الأوراق، فی حین تحتاج حیاة سلطان مقتدر إلى آلاف الحاجات، وهکذا لوقارنا الحیاة العلمیة لمحقّق کبیر بالنسبة لطالب مبتدىء.

ومن خلال ملاحظة هذا الاحتیاج وبإلهام باطنی یدرک الإنسان أنّ لهذا العالم مُبدئاً غنیّاً یتّجه الجمیع إلیه لنیل حوائجهم وهو الذی نطلق علیه (الله) تبارک وتعالى.

أمّا فی العبارات الفلسفیة وبحوث المتکلّمین فإنَّ الوجود یقسّم إلى قسمین: (ممکن) و(واجب).

فواجب الوجود یکون وجوده ذاتیاً، وذاته المقدّسة غیر محتاجه إطلاقاً، فی حین لا یملک الممکن فی ذاته شیئاً فهو محتاج.

وبهذا یُعد احتیاج الممکن إلى العلّة من القضایا البدیهیة والأوّلیة والتی لا تحتاج إلى إقامة البرهان، ومن یتردّد فی هذا الأمر فإنّ ذلک یعود إلى عدم الفهم الجیّد لمفهوم الممکن.

ثمّ یُطرح هذا السؤال: ما هو سبب احتیاج الممکن إلى العلّة؟ هل السبب هو الوجود أو مسألة الحدوث؟ أی هل أنّ الأشیاء تحتاج إلى العلّة بسبب کونها حادثة أو بسبب کونها موجودة؟ أو أنَّ الملاک الأصل وهو (الإمکان)؟ وبناء على هذا الدلیل فإنّ الإحتیاج إلى العلّة یجب أن لا یبحث فی أصل وجود الشیء أو فی حدوثه، بل إنّ العلّة الأساسیة هی الإمکان.

ولا ریب فی أنّ الإجابة الصحیحة والدقیقة هی الإجابة الثالثة، لأنّنا إذا ـ بحثنا عن معنى الإمکان وجدنا أنّ الإحتیاج إلى العلّة متحقّق فیه، لأنّ ـ (الممکن) وجود (غیر اقتضائی) أی أنّ ذاته لا تقتضی الوجود ولا العدم.

وبملاحظة هذا الإستواء الذاتی یکون فی وجوده وعدمه بحاجة إلى عامل ولذا فإنّ الفلاسفة یقولون بأنَّ حاجة الممکن أوّلیة، «حاجة ممکن الوجود إلى العلة أمرٌ بدیهی».

ویُستنتج من ذلک أنّ حاجة الممکن إلى واجب الوجود لا تقتصر على ابتداء الوجود فحسب، بل هی ثابتة فی مراحل البقاء کلّها لثبوت الإمکان فی حقّ الممکن دائماً لذا فإنّ الحاجة إلى العلّة أمر باق وثابت.

وللمثال على ذلک فانّنا حینما نمسک القلم ونحرّکه على قرطاس نجد أنّ حرکة القلم تحتاج إلى محرّک من الخارج ویتمثّل فی أصابعنا، فما دامت الحرکة فی الید والأصابع فإنّ القلم یتحرّک کذلک، ویتوقّف بتوقّفها.

وأوضح من ذلک ما یوجد فی أفعال أرواحنا، فحینما نعزم على العمل ببرنامج ما نجد أنّ الإرادة والعزم ـ وهما من فعل الروح ـ یرتبطان بها ویختفیان حال انقطاع هذا الارتباط.

إنّنا مرتبطون بوجود الله کذلک وَهذا الوجود الإرتباطی لا یستقرّ لحظة واحدة بدون ذلک.

ویقول الشاعر:

لم أسلم النفس للاسقام تبلغها *** إلاّ لعلمی بأنّ الوصل یحییها

نفس المحبّ على الآلام صابرةٌ *** لعلّ مسقمها یوماً یداویها

قد یقال: إنّنا نشاهد البناء باقیاً بعد موت بانیه فکیف إذن تستغنی الأفعال عن الفاعل فی بقائها؟

فنقول: إنّ ذلک یحصل بسبب حلول علّة محلّ علّة اُخرى، ففی البدایة تقوم ید البنّاء الماهر بوضع لبنة على لبنة اُخرى ثمّ یبقى البناء مستقرّاً بفضل جاذبیة الأرض وعوامل الإلتصاق من جصّ وإسمنت.

وباختصار، أنّ وجود (الممکن) وجود ارتباطی ولا یستمرّ دون الإتّکال على وجود مستقلّ، وعلیه فإنّ تعریف معنى الوجود الإرتباطی کاف فی التعرّف على الوجود المستقلّ دون الحاجة إلى بحوث واسعة فی «الدور والتسلسل» (تأمّل جیّداً).

یُستبطن فی مفهوم الوجود الإرتباطی والتبعی معنى الإستناد إلى واجب الوجود فهل للوجود الإرتباطی معنى دون الوجود المستقلّ؟

 

حاجة الجمیع إلى الله2 ـ برهان الغنى والفقر فی الروایات الإسلامیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma