لا شکّ أنّ العالم الذی نعیش فیه یشتمل على مجموعة من العلل والمعلولات، والعلّیة هی من أوضح القوانین فی هذا العالم.
کما لا شکّ فی أنّنا والأرض التی نعیش علیها لم نکن موجودین بصورة دائمة بل انّنا معلولون لعلّة اُخرى، فهل لهذه السلسلة من العلل والمعلولات أن تستمرّ بلا نهایة وتبقى فی حالة تسلسل؟ وبعبارة اُخرى أتکون کلّ علّة معلولة لعلّة اُخرى ولا تنتهی فی موضع ما؟ إنّها قضیّة لا یتقبّلها أی وجدان، فکیف یمکن لأصفار توضع جنباً إلى جنب وإلى ما لا نهایة من أن تکوّن رقماً ما؟ (المقصود من الصفر هو الموجود الذی لا وجود له من ذاته بل وجوده مکتسب من علّته)، وکیف یمکن أن یصطف الفقراء ـ والمعوزون إلى ما لا نهایة ثمّ یحصل منهم وجود غنی؟!
یجب الإذعان ـ إذن ـ إلى أنّ هذه السلسلة من العلل والمعلولات تنتهی بوجود، وهذا الوجود هو علّة غیر معلول حیث ینبع الوجود من ذاته، وبتعبیر أدقّ هو عین الوجود اللامتناهی وواجب الوجود.
إنّه أوضح دلیل على إثبات الوجود الأزلی والأبدی لله سبحانه.
والملاحظ أنّ الاستدلالات الاُخرى لإثبات وجود الله تنتهی کذلک ببرهان (العلّة والمعلول) وبدونه تکون ناقصة.
بعد هذا التمهید نمعن خاشعین فی الآیات القرآنیة التالیة:
1 ـ ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَیرِ شَىء أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ ). (الطور / 35)
2 ـ ( أَمْ خَلَقُوا السَّماوَاتِ والأَرضَ بَلْ لاَّ یُوقِنُونَ ). (الطور / 36)
3 ـ ( أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَیرُ اللهِ سُبحَانَ اللهِ عَمَّا یُشرِکُونَ ). (الطور / 43)