من الأقسام المهمّة الاُخرى لـ (توحید الأفعال) هو التوحید فی المالکیة، ویعنی أنّ المالک الحقیقی تکویناً وتشریعاً هو الذات الإلهیّة المقدّسة، والمالکیات الاُخرى مجازیة وغیر مستقلّة.
إیضاح ذلک: أنّ المالکیة على قسمین: مالکیة حقیقیة (تکوینیة) ومالکیة حقوقیة (تشریعیة).
المالک الحقیقی هو من له السلطة التکوینیة والخارجیة على الأشیاء، وأمّا المالکیة الحقوقیة والتشریعیة فانّها العقود التی تمضی علیها السلطة القانونیة نظیر مالکیة الإنسان لأمواله.
والقسمان من المالکیة لله تعالى فی الدرجة الاُولى من منظار الموحّد لعالم الوجود، فهو تعالى المالک للسلطة الوجودیة على جمیع الأشیاء فی الکون، لأنّ الموجودات کلّها منه وتستمدّ منه فیض الوجود آناً بعد آن، والجمیع تبع له، وبهذا تثبت مالکیته الحقیقیّة على کلّ شیء من کلّ جهة.
وأمّا المالکیة القانونیة فإنّ کلّ شیء له لأنّه الخالق والموجود لجمیع الأشیاء، بل حتّى ما نصنعه فانّه هو الذی أعطانا وسائل الإنتاج کلّها، وعلیه: فإن المالک الأوّل فی الحقیقة هو الله، وإن مالکیتنا ما هی إلاّ ودیعة لأیام معدودة.
وبهذا التمهید نراجع القرآن الکریم لنتأمل خاشعین فی الآیات التالیة:
1 ـ ( قُلِ اللّهُمَّ مَالِکَ المُلکِ تُؤْتِى المُلْکَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلکَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِیَدِکَ الخَیرُ إِنَّکَ عَلى کُلِّ شَىء قَدِیرٌ). (آل عمران / 26)
2 ـ ( أَلَمْ تَعْلَمَ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْکُ السَّماوَاتِ وَالاَْرضِ وَمَا لَکُمْ مِّنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِىٍّ وَلاَ نَصیْر). (بقرة / 107)
3 ـ ( ذلِکُمُ اللهُ رَبُّکُمْ لَهُ المُلْکُ لاَ إلهَ إِلاَّ هُوَ فَاَنّى تُصْرَفُونَ). (زمر / 6)
4 ـ ( وَاللهُ یُؤْتِى مُلْکَهُ مَنْ یَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِیمٌ). (بقرة / 247)
5 ـ ( ذلِکُمُ اللهُ رَبُّکُمْ لَهُ المُلْکُ وَالَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا یَمْلِکُونَ مِنْ قِطْمِیر). (فاطر / 13)
6 ـ ( قُلِ ادْعُوا الَّذِینَ زَعَمْتُم مِّنْ دُونِ اللهِ لا یَمْلِکُونَ مِثْقَالَ ذَرَّة فِى السَّماوَاتِ وَلاَ فِى الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِیهِمَا من شِرْک وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّنْ ظَهِیر).(1) (سبأ / 22)