إنَّ عالمنا الذی نعیش فیه هو فی حالة تغییر وتغیّر دائم، فلا یبقى الوجود على حالة واحدة، وکلّ شیء یعیش حالة من التغیّر والتغییر.
ویبدو أنّ نطاق حیاة البشر والحیوانات والنباتات المقترنة بـالتغییر والحرکة أوسع ولیس بوسع أحد أن ینکر هذا التغییر والتبدّل على صعید نفس الإنسان أو على صعید عالم المادّة، فالإنسان یواجه مشاهد مختلفة من هذا التغییر لیلا ونهاراً، بل إنّ ظاهرتی (اللیل والنهار) هما من أوضح النماذج عن التغییر والتبدّل فی العالم.
هذه التغیّرات والتغییرات والحرکات التی تحکم العالم تدلّ بوضوح على وجود مرکز ثابت تنشأ منه، وکأنّ الجمیع یدور حول هذا المرکز الثابت على محیط دائرة.
والتغییر والحرکة فی الموجودات یعدان بمثابة شاهد على حدوث الموجودات، کما أنّ حدوثها دلیل على وجود خالقها.
هذا الاستدلال ـ الذی سَیرِدُ شرحُهُ بالتفصیل مستقبلا ـ ورد فی الآیات القرآنیة بلطافة خاصّة، وبهذه الإشارة نرجع إلى القرآن الکریم کی نقرأ هذه الآیات:
(وَکَذَلِکَ نُرِى إِبرَاهِیمَ مَلَکُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلِیَکُونَ مِنَ المُوقِنِینَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَیهِ اللَّیلُ رَءَا کَوکَباً قَالَ هَذَا رَبِّى فَلَّمَا أَفَلَ قَالَ لاَ أُحِبُّ الآفِلِینَ * فَلَمَّا رَءَا القَمَر بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبّى فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَّم یَهْدِنِى رَبِّى لاََکُونَنَّ مِنَ القَومِ الضالِّینَ * فَلَمَّا رَءَا الشَّمسَ بَازِغةً قَالَ هَذَا رَبِّى هَذَا أَکبَرُ فَلمَّا أَفَلَتْ قَالَ یَاقَومِ إِنِّى بَرِىءٌ مِّمَّا تُشْرِکُونَ * إِنِّى وَجَّهتُ وَجْهِىَ لِلَّذِىْ فَطَرَ السَمَاواتِ والأَرضَ حَنیفاً وَمَا أَنا مِنَ المُشرِکِینَ).( الأنعام / 75 ـ 79)
