4 ـ کلمة أخیرة حول عوامل الشرک

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
3 ـ عامل الاستضعاف والاستعمار الفکریأقسام التوحید

من خلال البحوث التی أوردناها تتّضح هذه الحقیقة وهی: إنّ الشرک وعبادة الأصنام کسائر الظواهر الاجتماعیة لا تنشأ من عامل واحد بل توجد عوامل مختلفة تعاضدت على ایجاده، من بینها.

المیل إلى المحسوسات والإستئناس بها والمطالبة بإله محسوس.

واللجوء إلى الأوهام فی المجتمعات المتخلّفة (الظنّ بتأثیر الأصنام فی الشفاعة والعزّة والنصر والتقرّب إلى الله والظنّ بعدم إمکانیة عبادة الله بصورة مباشرة ووجوب استخدام الوسائط والظنّ بقداسة التماثیل المصنوعة على هیئة الأنبیاء والصلحاء وأوهام اُخرى).

وهکذا التقلید الأعمى للأسلاف وعدم الإستعداد للتحقیق فی قضیّة المعرفة الإلهیّة.

کذلک استغلال المستکبرین والمستعمرین للمیل إلى الشرک وعبادة الأصنام للوصول إلى أهدافهم الشیطانیة، واستغفال الناس کانت عوامل مختلفة سبّبت نشوء فکرة الشرک أو استمراره وبقاءه على طول التاریخ.

وقد واجهت هذه التیارات المنحرفة القویّة خطّ الأنبیاء الذی یدعو البشر من جهة إلى التحرّر من إطار الحسّ وإدراک ما وراء الطبیعة، ومن جهة اُخرى یدعوهم إلى عبادة الله مباشرةً والخضوع بین یدی ربّ الکون کلِّه واللجوء إلى ذاته المقدّسة فی کلّ حال والقضاء على الأوهام.

ومن جهة ثالثة یدعو لکسر طوق التقلید الأعمى والإقبال على البحث فی عالم الوجود ومعرفة الآیات الإلهیّة فی الآفاق والأنفس.

ومن جهة رابعة یدعو عالم البشریة إلى الوحدة وتحطیم الأصنام المفرِّقة والتحرّر من نیر الإستغلال والاستعمار والغفلة والاستضعاف.

هذه هی الخطوط العامّة للکفر والإیمان والشرک والتوحید.

ونختم هذا الکلام بما أورده العلاّمة الطباطبائی (رحمه الله) فی تفسیر المیزان فی ذیل الآیات 36 ـ 49 من سورة هود تحت عنوان (کیف وُجِدَ الشرک): «اتّضح من الفصل المتقدّم أنّ الإنسان فی مزلّة من تجسیم الاُمور المعنویة وسبک غیر المحسوس فی قالب المحسوس بالتمثیل والتصویر وهو مع ذلک مفطور للخضوع أمام أی قوّة فائقة قاهرة والإعتناء بشأنها، ولذا کانت روح الشرک والوثنیة ساریة فی المجتمع الإنسانی سرایة تکاد لا تقبل التحرّز والإجتناب فی المجتمعات الراقیة الحاضرة وحتّى فی المجتمعات المبنیة على أساس رفض الدین، فترى فیها من النُّصب وتماثیل الرجال وتعظیمها واحترامها والمبالغة فی الخضوع لها ما یمثّل لک وثنیة العهود الاُولى والإنسان الأوّلی، على أنّ الیوم من الوثنیة على ظهر الأرض ما یبلغ مئات الملایین قاطنین فی شرقها وغربها.

ومن هنا یتأیّد بحسب الاعتبار أن تکون الوثنیة مبتدئة بین الناس باتّخاذ تماثیل الرجال العظماء ونصب أصنامهم وخاصّة بعد الموت لیکون فی ذلک ذکرى لهم، وکان ربّ البیت فی الرومان والیونانیین القدماء ـ على ما یذکره التاریخ ـ یُعبد فی بیته، فإذا مات اتّخذ له صنم یعبده أهل بیته، وکان کثیر من الملوک والعظماء معبودین فی أقوامهم، وقد ذکر القرآن الکریم منهم نمرود الملک المعاصر لإبراهیم (علیه السلام)... وهو ذا یوجد فی بیوت الأصنام الموجودة الیوم، وکذا بین الآثار العتیقة المحفوظة عنهم أصنام کثیر من عظماء رجال الدین کبوذا وأصنام کثیر من البراهمة وغیرهم، واتّخاذهم الموتى وعبادتهم لها من الشواهد على أنّهم کانوا یرون أنّهم لا یبطلون بالموت وإنّ أرواحهم باقیة بعده، لها من العنایة والأثر ما کان فی حال حیاتهم بل هی بعد الموت أقوى وجوداً وأنفذ إرادةً وأشدّ تأثیراً من شوب المادّة ونجت من التأثیرات الجسمانیة والإنفعالات الجرمانیة، وکان فرعون موسى یعبد أصناماً له وهو إله معبود فی قومه: ( وَقَالَ المَلاَُ مِنْ قَومِ فِرعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وقَومَهُ لِیُفسِدُوا فِى الأرضِ وَیَذَرَکَ وآلِهَتَکَ )»(1).

وما جاء فی هذا البحث هو بعض عوامل الشرک، ولا بأس من الإشارة أخیراً إلى نقطة تثیر العجب ذکرها المؤرّخ الغربی الشهیر (ویل دیورانت) فی کتابه التاریخی (قصّة الحضارة) وأیّده الکثیر من الذین سافروا إلى خارج البلاد فی هذا العصر بملاحظاتهم فی تلک البلدان وهو وجود أصنام کثیرة صنعت على صورة الأجهزة التناسلیة للذکر والاُنثى! حیث تعبد من قبل مجموعة کبیرة!

ویکتب: لَعلَّ (القمر) هو أوّل شیء کانت له أولویة العبادة، فقد کان الإله المحبوب لدى النساء وعبدنه حامیاً لهنّ، واعتقدن بأنّ للقمر حکومة على الأنواء الجوّیة وینزل هذا الجرم السماوی المطر والثلوج، حتّى أنّ الضفادع ـ کما فی الأساطیر ـ تتضرّع إلیه کی ینزل المطر.

وبعد التفصیل فی هذا المجال وفی عبادة الشمس والأرض والجبال والبحار یضیف: بما أنّ الإنسان الأوّل لم یدرک أنّ حقیقة انعقاد نطفة الإنسان من (الحیمن) و(البویضة)، فلذلک کانوا یعتقدون بأنّ المبدأ الوحید فی وجود البشر هو هذا الموجود العجیب أی (الآلة التناسلیة لدى الرجل والمرأة) اُعتقدوا وجود روح عجیبة فیهما هی المبدأ لهذا الأثر العجیب، وهذا الأمر کان سبباً فی الإعتقاد التدریجی بإلُوهیتهما وتحوّلهم إلى عبَدة لتماثیل الآلة التناسلیة!!

والأعجب أنّه یکتب: قلّما نجد قوماً لا یعبدون هذا الصنم بشکل ما!(2).

وکما أشرنا فإنّ عبادة الأصنام لا تزال منتشرة فی الهند والیابان فی الوقت الحاضر.

ومن هنا یتّضح جیّداً أنّ الإنسان إذا انحرف عن تعلیمات الأنبیاء: سیقع فی مستنقعات متعفّنة وسیرتکب أعمالا مضحکة ومخجلة.

أمّا الموحّدون ذوو الدین الحقّ والقلب السلیم فعلیهم أن یشکروا الله کثیراً على تحرّرهم بفضل تعلیمات الأنبیاء من التلوّث بالشرک والسقوط فی هذه الأودیة الموحشة.


1. تفسیر المیزان، ج 10، ص 275 ـ 277 (مع التلخیص).
2. تاریخ ویل دیورانت، ج 1، ص 95 (مع التلخیص).

 

3 ـ عامل الاستضعاف والاستعمار الفکریأقسام التوحید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma