تعدد الآلهة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
مظاهر التنسیق1 ـ النظرة العلمیة لوحدة عالم الخلق

الآیة الثانیة تعرض هذا المضمون فی إطار آخر وصورة اُخرى حیث تقول: (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ هُمْ یُنْشِرُونَ)(1).

وفی التعبیر بـ (من الأرض) إشارة لطیفة وهی أنّهم (أی المشرکون) کانوا یصنعون آلهتهم من الحجر والخشب والمعادن وهی موجودات أرضیة، فهل بإمکان هذه الموجودات أن تکون خالقة للسماوات الواسعة وأن تکون الحاکمة والمدبّرة والمدیره لها؟!

ثمّ تضیف الآیة فی مقام الاستدلال على بطلان عقیدتهم: ( لَوْ کَانَ فِیهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا ).

«فساد»: یعنی فی الأصل ـ کما یقول الراغب فی المفردات: خروج الشیء عن حدّ الإعتدال کثیر أم قلیلا، فی الروح أو الجسم أو الأشیاء الاُخرى فی العالم، ویقابله (الصلاح).

و (الفساد) هنا یعنی الدمار والخراب واللانظام والهرج والمرج... .

وتضیف الآیة فی آخرها ـ کاستنتاج : ( فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ العَرْشِ عَمَّا یَصِفُونَ).

وخلاصة الاستدلال هی: لو تعدّد المدیر والمدبّر والخالق والحاکم والمتصرّف فی هذا العالم فإنّ العالم لا یمکن أن یتّسم بالنظام والتناسق، وذلک لانتهاء التعدّد فی الآلهة إلى تعدّد التدبیر والتصرّف، وبذلک یختلّ عالم الوجود ویتعرّض للفساد والدمار حیث یرید کلّ واحد منهما تطبیق نظام العالم على مشیئته وإرادته.

وهنا یرد هذا الإشکال المعروف وهو: ما المانع من تعاضد الآلهة الحکمیة فیما بینها لإیجاد نظام واحد منسجم؟ والإجابة على ذلک ستأتی فی الإیضاحات بإذن الله.

الآیة الثالثة والأخیرة التی نبحثها تقدّم هذا البرهان فی إطار جدید حیث تقول: (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَد وَمَا کانَ مَعَهُ مِنْ إِله ).

ولو کان کذلک فإنّ کلّ إله ینفرد بمخلوقاته الخاصّة ویفرض علیها تدبیره وتصرّفه الخاصّ، وسوف تکون الأنظمة المختلفة والقوانین اللامنسجمة هی الحاکمة على العالم، وسیکون هو السبب فی وانهیار الوحدة والتعادل فی العالم: (إِذاً لَّذَهَبَ کُلُّ إِله بِمَا خَلَقَ).

ویکفی هذا الدلیل على إثبات وحدانیته تعالى حیث یتألّف من المقدّمتین المشار إلیهما سالفاً وهما: إنَّ عالم الوجود منظم ومترابط الأجزاء وتحکمه قوانین معیّنة (هذا من جهة) ولو کان فی العالم خالقان ومدبّران ومتصرّفان لحصل الخلل وعمّت الفوضى نتیجة لتعدّد مراکز القرار والتدبیر والتصرّف (من جهة ثانیة).

والآیة تشیر فی ذیلها إلى أمر آخر بقولها: ( وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْض ).

ویعدّ هذا سبباً فی اختلال النظام فی العالم واتّصافه بالفوضى وعدم الإنسجام.

وهنا ـ أیضاً ـ یثار هذا الإشکال فی الأذهان وهو: أنّ هذه الآلهة الحکیمة بإمکانها أن تنسّق برامجها فیما بینها بشکل لا یعرّض وحدة العالم إلى الإختلال وفقد النظام، وسیأتی ـ کما أسلفنا ـ الجواب على هذا الإشکال فی البحوث القادمة.

وتستنتج الآیة الکریمة أخیراً من هذین الدلیلین حیث تقول فی ذیلها: (سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا یَصفُونَ ).


1. لفظ (أم) فی الآیة ـ کما یقول جمع من المفسّرین ـ منقطعة وتعنی (بل)، فی حین اعتقد البعض بأنّها بمعنى هل الإستفهامیة، وبما أنّ المشرکین لم یدّعوا أنّ الأصنام خالقة، کان بمعنى الإستفهام الإنکاری أکثر مناسبة.

 

مظاهر التنسیق1 ـ النظرة العلمیة لوحدة عالم الخلق
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma