استدل الفلاسفة والمتکلّمون (علماء العقیدة) بأدلة مختلفة لإثبات وجود الله سبحانه، والبعض منها ذات اُصول مشترکة، ومن هذه الأدلّة برهان (الوجوب والإمکان) وبرهان (العلّة والمعلول)، وستأتی تفصیلاتهما تباعاً بإذن الله.
وبما أنّ هذه الاستدلالات تکون ذات شروح مختلفة لذا فإنّا نشیر إلیها بصورة مستقلّة مع الإشارة إلى اُصولها المشترکة.
إن الأساس فی برهان «الوجوب والامکان» أو «الغنى والفقر» یرتکز على مبدأ حاجة وفقر المخلوقات، فعندما ننظر إلى أنفسنا وسائر الموجودات فی العالم، نراها دائماً فی حالة عوَز وحاجة، فالحاجة إلى ماحولها یکاد یکون أمراً بدیهیاً.
إن الحاجة والفقر الشامل فی هذا العالم یدل على وجود مصدر عظیم للغنى وعدم الحاجة، وهذا المصدر نطلق علیه لفظ الجلالة «الله» سبحانه وتعالى(1).
وبعبارة اُخرى إنّنا نجد کلّ موجود فی هذا العالم تابع، ولا یمکن لهذه التبعیة أن تکون إلى ما لا نهایة، والعالم عبارة عن مجموعة من التبعیات، ممّا یدلّ على وجود ذات مستقلّة قائمة بذاتها فی هذا العالم تتبعه هذه (التبعیات) وتستند إلیه.
بعد هذا التمهید نرجع إلى القرآن الکریم لنتأمل خاشعین فی الآیات التالیة:
1 ـ ( یَااَیُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِىُّ الحَمیِدُ ). ( فاطر / 15)
2 ـ ( وَاللهُ الغَنِىُّ وأنتُمُ الفُقَرَاءُ ). (محمّد / 38)
3 ـ ( یَسْئَلُهُ مَنْ فِى السَّماوَاتِ وَالأَرضِ کُلَّ یَوم هُوَ فِى شَأْن ). (الرحمن / 29)