عبادة الأصنام دین أجدادنا!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
شرح المفرداتالجواب الدائم للمشرکین

إعتقدت طائفة من مشرکی العرب أنّ الملائکة بنات الله وعکفت على عبادتها، والآیة الاُولى فی هذا البحث تردّ على هذا الفکر الجاهلی من جوانب مختلفة فتخاطبهم تارةً: إنّکم تفرحون بالولید إذا کان ذکراً ولکن تحزنون إذا کان أُنثى فکیف تنسبون إلى الله البنات؟ (هذا الجواب یناسب طبعاً ـ درجة فهمهم وأفکارهم) وتذکر تارةً اُخرى حججهم الواهیة لهذه العبادة وتردّهم وتصل إلى هذا الدلیل أخیراً: ( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى اُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثارِهِم مُّهتَدُونَ )(1) ولکن القرآن یخاطب النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) مباشرةً ویقول: إنّ التقلید الأعمى هذا والإتّباع اللامشروط واللامقیّد یمثّل عقیدة سلفیة وهذه الأعذار الواهیة التی لا أساس لها لا تنحصر فی مشرکی العرب فحسب بل: ( وَکَذَلِکَ مَا أَرسَلْنَا مِنْ قَبلِکَ فِى قَریَة مِّن نَذِیر إِلاَّ قَالَ مُترَفُوهَا إِنَّا وَجَدنَا آبَاءَنَا عَلَى اُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقتَدُونَ ).

وبذلک أشاروا إلى أنّ أحد العوامل الرئیسة فی إنتشار خرافة الشرک جیلا بعد جیل هو التقلید الأعمى واللامشروط واللامقیّد والتحجیر على العقل والإدراک وعدم بذل جهود فی التحقیق والتدبّر والإستسلام أمام خرافات الأسلاف.

والاستناد إلى عنوان (مترفون) کما یقول بعض المفسّرین فیه إشارة إلى أنّ التشبّث بالدنیا والإستمتاع باللذائذ المادّیة والمتنوّعة والکسل أو الجزع من جهود التحقیق والاستدلال هو السبب لهذا التقلید الأعمى القبیح، فلو أنّهم تخلّصوا من هذا الحجاب المظلم لم یصعب علیهم رؤیة وجه الحقیقة، ولهذا یقول النبی الکریم (صلى الله علیه وآله): «حبّ الدنیا رأس کلّ خطیئة»(2).

والجدیر ذکره أنّ ذیل الآیة الاُولى تنقل عنهم قولهم: ( إِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهتَدُونَ )وقولهم فی ذیل الآیة الثانیة ( إِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقتَدُونَ ) وهذا الاختلاف فی التعبیر قد یکون من قبیل (العلّة والمعلول) بمعنى أنّهم ادّعوا إنّنا إنّما نقتدی بأسلافنا لأنّ ذلک هو طریق الهدى والوصول إلى الحقّ!

على کلّ حال فإنّ القرآن الکریم فی طول هذه الآیات یرد على هذا الفکر الباطل بشکل منطقی جمیل ومحکم وینقل عن الأنبیاء السابقین قولهم للمشرکین المقلّدین الخرافیین: (قَالَ أَوَلَو جِئتُکُم بِأَهدَى مِمَّا وَجَدتُّم عَلَیهِ آبَاءَکُم قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلتُم بِهِ کَافِرُونَ ). (الزخرف / 24)

وللتقلید ـ کما سنبیّن ـ أنواع وأقسام، فبعضه منطقی ویکون سبباً لانتقال العلوم من جیل إلى جیل آخر، وبعضه خرافة وحمق وسبب لانتقال الخرافات والقبائح ولکلّ ذلک علامات سوف نشیر إلیها لاحقاً.

الآیة الثانیة من مجموعة الآیات المتعلّقة بمواجهة إبراهیم (علیه السلام) مع عبدة الأصنام فی بابل حیث سألهم بمنطقه الرصین الصریح: ما تعبدون؟ فکان جوابهم: (قَالُوا نَعبُدُ أَصنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاکِفِینَ ).

وبهذه الکلمات لم یقرّوا بالشرک فحسب بل راحوا یتفاخرون ویتباهون به، وقد سدّ إبراهیم (علیه السلام) الطریق علیهم من خلال سؤال واحد: ( قَالَ هَلْ یَسمَعُونَکُم إذْ تَدعُونَ أَو یَنفَعُونَکُم أَو یَضُرُّونَ )، أی أنّها (الأصنام) إن لم تنفع ولم تضرّ فلابدّ من أن تسمع نداء عبّادها على الأقل وإلاّ لا معنى لعبادتها.

ولکن اُولئک الذین لم یجرأوا على الادّعاء بأنّ الأصنام الحجریة والخشبیة تسمع دعاءهم وتضرّعهم، کما أنّهم لم یمتلکوا دلیلا على إثبات ضرّها ونفعها لتبریر عملهم، اضطرّوا للتمسّک بأسلافهم والتشبّث بالتقلید الأعمى وقالوا: ( بَلْ وَجَدْنَا آباءَنَا کَذَلِکَ یَفعَلُونَ ).

وهذا الجواب وإن کان مخجلا إلاّ أنّهم لم یملکوا شیئاً لیقدّموه.

وفی طول هذه الآیات یردّهم إبراهیم (علیه السلام) بمنطق رصین: ( قَالَ أَفَرَأَیتُم مَّا کُنتُم تَعبُدُونَ * أَنتُم وآباؤکُمُ الاَْقْدَمُونَ * فَإِنَّهُم عَدُوٌ لِّى إِلاَّ رَبَّ العَالَمِینَ * اَلَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ یَهْدِینِ * وَالَّذِى هُوَ یُطعِمُنِى ویَسقِینِ * وَاِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ یَشفِینِ * وَالَّذِى یُمِیتُنِى ثُمَّ یُحیِینِ * وَالَّذِى أَطْمَعُ أَن یَغْفِرَ لِى خَطِیئَتِى یَومَ الدِّینِ ). (الشعراء / 75 ـ 82)

أی أنّه أهل للعبادة فهو المبدىء لکلّ الخیرات والبرکات، لا تلک الموجودات الخاویة والفاقدة للقیمة.

وتنقلُ الآیة الثالثة کلاماً لقوم فرعون وفیها انعکاس لهذا المضمون بشکل آخر حیث تقول: ( قَالُوا اَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَیهِ آبَاءَنَا وَتَکونَ لَکُمَا الکِبْرِیَاءُ فِى الاَْرْضِ )(3)وعلیه (وَمَا نَحنُ لَکُمَا بِمُؤمِنِینَ ).

انّهم استندوا ـ فی الحقیقة ـ إلى هذه النقطة فقط لإثبات صحّة مسلکهم وقداسته وهی أنّ هذا هو طریق الأسلاف ودینهم وعادتهم، ولکی یتّهموا موسى وهارون بأنّهما یتآمران قالوا: إنّکما تبغیان الحکومة عن طریق الدعوة إلى التوحید وهدم الشرک وعبادة الأصنام من أساسها ولا نسمح بذلک! ویبدو أنّ هذا الکلام اُلقی من قبل زبانیة فرعون حیث عارضوا دعوة موسى وهارون للتوحید بطریقین شیطانیین:

أحدهما: هو إثارة العواطف لدى عامّة الناس الجاهلین وذلک بالتحذیر من أنّ دین أسلافهم فی خطر، والآخر: هو إثارة سوء الظنّ فیهم بوصف دعوة موسى وهارون أنّها تجری وفق مخطّط مسبق للوصول إلى الحکم وإلاّ فإنّها لا واقعیة لها.

وقد استخدم هؤلاء الجبابرة والطغاة هذین الطریقین لاستغفال الناس ومواصلة حکمهم الاستبدادی، کما یلاحظ فی الآیة حیث جاء التعبیر أکثر صراحة: (قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ یُرِیدَانِ أَنْ یُخرِجَاکُم مِّنْ أَرضِکُم بِسِحْرِهِمَا وَیَذْهَبَا بِطَرِیقَتِکُمُ المُثلَى). (طه / 63)


1. «اُمّة» فی الآیة ـ کما یعتقد جمع من المفسّرین ـ عبارة عن المنهج المتّفق علیه لدى طائفة وقد فسّرها بعض المفسّرین بمعنى الجماعة والفئة، والمعنى الأوّل هو المشهور وإن وردت (اُمّة) فی آیات اُخرى بمعنى الجماعة وقد تأتی بمعنى المدّة الزمنیة.
2. التفسیر الکبیر، ج 27، ص 206، کما توجد إشارة إلى هذا الأمر فی تفسیر روح البیان وتفسیر المیزان فی ذیل آیة البحث.
3. «لتلفتنا» من «لفت» وهو الصرف عن الشیء أو الإلفات إلى الشیء لو تعدّت بـ (من) فإنّها تعنی الإنصراف و ب (إلى) فإنّها تعنی (التوجّه).

 

شرح المفرداتالجواب الدائم للمشرکین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma