2 ـ خطوة اُخرى على طریق الشرک

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
1 ـ الخطوة الاُولى نحو الشرک فی الخالقیةتمهید

فی هذا الموضوع انحرفت مجموعتان إسلامیتان هما (الأشاعرة) و(المعتزلة) أی المفوّضة، المجموعة الاُولى تتبع «أبا الحسن الأشعری» المتوفّى عام 324 هـ وقد أنکرت التأثیر والعلّة والمعلول فی عالم الخلق إنکاراً تامّاً وتقول: إذا کانت النار محرقة فانّه مجرّد تصوّر ولا غیر! فالمحرق الأصلی هو الله، ولکن إرادته حکمت بشکل إذا مسّت النار ـ مثلا ـ ید الإنسان فإنّ الله یوجد الإحتراق مباشرة فی یده! وبهذا النحو أنکروا عالم العلّة والمعلول تماماً واعتبروا الله تعالى علّة لکلّ شیء مباشرة دون واسطة.

إنّهم أنکروا هذه القضیّة المحسوسة بل والأکثر من المحسوسة(1) بسبب إیمانهم بأنّ الإعتقاد بوجود عالم الأسباب یخلّ فی توحید الخالقیة.

بسبب هذا الخطأ الکبیر تعرّضت مجموعة الأشاعرة إلى انحراف کبیر آخر وهو أنّها تعتبر أفعال الإنسان وأعماله مخلوقة لله أیضاً، وهذا أسوء أنواع الجبر!

وبعبارة اُخرى أنّه شیء أعلى من الجبر لأنّ الأشاعرة یقولون: لسنا نحن الفاعلین للأعمال الصالحة والسیّئة بل إنّ الخالق لها کلّها هو الله سبحانه، فهی فی الحقیقة أعماله المباشرة لا أعمالنا الجبریة (فتأمّل جیّداً)، وفی النقطة المقابلة یقف المعتزلة الذین لا یعتقدون بوجود تأثیر للأسباب والعلل فحسب بل یعتبرونها مستقلّة فی تأثیراتها، فمثلا أنّ الله خلق بعض الأنبیاء والأولیاء وأوکل إلیهم أمر الخلق، کما یعتقدون أنّ الإنسان مستقلّ فی أعماله تماماً، وبهذا یعتبرون الإنسان خالقاً صغیراً والله عزّوجلّ خالقاً کبیراً!

ولا شکّ فی أنّ المجموعتین على خطأ، وقد وقعا فی لون من الشرک، شرک جلی وصریح، وشرک خفی، فالقائلون بـ (التفویض) ابتلوا بشرک جلی لأنّهم اعتقدوا بأنّ الإنسان مستقلّ فی أفعاله أو اعتقدوا بأنّ الله قد أوکل إلى أولیائه خلق السماء والأرض وتنحّى جانباً! وهذا ما یعارض صریح الآیات القرآنیة التی تعتبر الله خالقاً لکلّ شیء وربّاً ومدبّراً لجمیع الاُمور، ومن العجیب أنّ الإنسان المسلم المرتبط بالقرآن کیف یتّبع مثل هذه الأبحاث المنحرفة؟!

أمّا الأشاعرة فقد ابتلوا بلون آخر من الانحراف والشرک، لأنّهم أنکروا أوّلا: أصل العلّیة فی عالم الخلق خلافاً للوجدان والحسّ، وثانیاً: إذا کان الإعتراف بأصل العلّیة شرکاً فإنّ الإعتقاد بأصل وجود الإنسان شرک أیضاً، إنّ الإنسان مختار وحرّ فی فعله ولکن یجب أن لا ننسى أنّ قدرته وقوّته کلّها وحتّى حریة إرادته هی من الله تعالى، فهو الذی أودع کلّ هذه القوى فی الإنسان وهو الذی شاء أن یکون الإنسان حرّاً، وعلى هذا فإنّ أعمال الإنسان فی الوقت الذی تستند فیه إلى الإنسان فانّها تکون مستندة إلى الله أیضاً، ولا تخرج عن دائرة خلقه، کالإعتقاد بأصل وجود الإنسان فانّه وجود تابع ومتعلّق بغیره، ولذلک لا یستوجب الشرک.

وبملاحظة المثال الآتی یمکن أن تتّضح الحقیقة: إنّ کثیراً من القطارات تعمل بالطاقة الکهربائیة، وهذه الطاقة تجری فی شبکة على طول الطریق ویرتبط القطار بها عن طریق حلقة، السائق فی مثل هذا القطار حرّ فی عمله ولکن فی الوقت ذاته یکون عمله مرتبطاً بید شخص آخر وهو الذی یراقب الطاقة الکهربائیة على طول السلک، فبإمکانه أن یقطع التیار الکهربائی بإرادته فی أیّة لحظة شاء وذلک بالضغط على زر معین فیتوقّف القطار فی مکانه.

وبإمکانه ـ إذن ـ أن یقول إنّی حرّکت القطار بإرادتی، کما یمکن لسائق القطار أن یقول ذلک ویصدق الإثنان، إلاّ أنّهما فاعلان طولیان الأوّل فی المرحلة الاُولى والعلیا والثانی فی المرحلة الثانیة والسفلى التابعة، فالفعل ینسب إذن إلى الإثنین ومع ذلک فإنّ سائق القطار

مسؤول عن عمله ولیس بمجبر.

وعلیه لا یکون الإعتقاد بحریة إرادة الإنسان شرکاً فی الخالقیة.

وبعبارة أوضح: مثلما یرتبط أصل وجود الإنسان بالله تعالى والإیمان بوجود الإنسان لا یستلزم الشرک فأفعاله کذلک.

والأشاعرة کأنّهم یرون أصل وجود الإنسان مستقلا فی حین أنّ هذا نوع من الشرک، وإلاّ فإنّ الوجود التابع إن لم یتعارض مع التوحید فإنّ الأفعال التابعة للإنسان لا تکون معارضة للتوحید أیضاً.

ولا بأس أن یتوضّح هذا البحث بضرب مثال:

جاء إنکار الأشاعرة للعلّیة والسببیة نتیجة لتوهّم وقوع الشرک، أی إذا اعتبرنا الإحراق من النار فانّهم یقولون: إنّ هذا شرک! فی حین یبقى هذا السؤال: ألیس الإعتقاد بوجود أصل النار أمام وجود الله شرکاً؟

سیقولون: لا حتماً، لأنّ هذا الوجود تابع لذاته المقدّسة (کالضوء المنبعث من المصباح المتوقّف على ارتباطه بالطاقة الکهربائیة ویطفأ عند انقطاعها)، ونذکر هذا الکلام ذاته فی تأثیر الأسباب ونقول: إنّها تکون فی النهایة تابعة لله تعالى، وقدوة الإنسان واختیاره تابع له أیضاً، وعلیه فإنّ التوحید یحتفظ بمعناه تماماً فی هذا المجال، فالله خالق کلّ شیء مع ثبوت أصل العلّیة والحریة فی إرادة الإنسان.

وستأتی إیضاحات أکثر بهذا الشأن فی بحث الجبر والإختیار، بإذن الله.


1. لیس لقانون العلّیة بعد حسّی فقط بل یمکن التوصّل إلیه عن طریق الوجدان والعلم الحضوری، لأنّ کلّ شخص یرى بوضوح أنّ روحه توجد الإرادة والتفکیر.

 

1 ـ الخطوة الاُولى نحو الشرک فی الخالقیةتمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma