عند الاختلاف ارجعوا إلى الله

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
الحکم لله فقط1 ـ حاکمیة الله فی المنطق العقلی

الآیة التاسعة ترى (الحاکمیة) بمعنى القضاء حیث تقول: ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِیهِ مِنْ شَىء فَحُکْمُهُ إِلَى اللهِ ).

أجل، إنّه وحده القادر على رفع الاختلاف فیما بینهم لأنّه عالم بکلّ شیء وله الولایة على الجمیع.

وتضیف الآیة: ( ذلِکُمُ اللهُ رَبِّى عَلَیهِ تَوَکَّلتُ وَإِلَیْهِ اُنِیبُ ).

وهناک أقوال عدیدة فی تفسیر هذه الآیة، فالبعض اعتبرها ناظرة إلى الاختلافات والخصومات بین الناس الذین وجَبَ علیهم الإحتکام إلى النبی(صلى الله علیه وآله)، فیما اعتبرها البعض الآخر إشارة إلى الاختلاف فی تأویل الآیات وتفسیرها، فی حین اعتبرها آخرون ناظرة إلى الاختلاف فی العلوم المرتبطة بالمفاهیم الدینیة والتکالیف وواجبات الناس مثل معرفة الروح وأمثاله(1).

ولکنّا لا نرى دلیلا لتحدید مفهوم الآیة، بل کما قال بعض المحقّقین: إنّ الآیة تشمل کلّ قضاء سواء کان فی الأحکام أو فی المفاهیم الدینیة أو فی معنى الآیات المتشابهة أو غیرها.

إنّ الآیة هذه من الآیات التی تثبت هذه الحقیقة بوضوح وهی أنّ کلّ المسائل التی یحتاجها الناس قد وردت فی الکتاب والسنّة، ویکون کلّ قیاس وتشریع وأمثاله باطلا، فلولا وجود هذه الأحکام کلّها فی الکتاب والسنّة فلا معنى لإرجاع جمیع الاختلافات إلى الله فیها (تأمّل جیّداً).

والملاحظ أنّ الفخر الرازی وبعض المفسّرین قد أقرّوا بهذه الحقیقة واعتبروا هذه الآیة من جملة الأدلّة المبطلة للقیاس فی الأحکام الفقهیة(2).

فالآیة تقول: یجب إرجاع الحکم فی جمیع الاختلافات إلى الله، وبالطبع فإنّ النبی(صلى الله علیه وآله)هو خلیفة الله المصطفى من بین الناس، فلو لم یتضمّن الکتاب والسنّة طرق حلّ للاختلافات فی الأحکام والعقائد وما یتعلّق بالشرع لکان إرجاع الاختلافات إلى الله عزّ وجلّ لا معنى له.

الآیة العاشرة والأخیرة تقول کاستنتاج عام عن لسان النبی (صلى الله علیه وآله): (أَفَغَیرَ اللهِ أَبْتَغِى حَکَماً وَهُوَ الَّذِى أَنْزَلَ إِلَیکُمُ الکِتَابَ مُفَصَّلا ) وعلیه فإنّ (الحکم والحاکم والقاضی) هو ذاته المقدّسة فقط لأنّه عالم بکلّ شیء، والقرآن أفضل دلیل على علمه(3).

وأمّا السؤال عن أنّ الحکمیة فی أی شیء تکون؟ فإنّ القرائن تشیر إلى أنّ المقصود هو الإحتکام إلى الله فی حقّانیة الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله).

وسبب النزول الذی ینقل فی هذا المجال شاهد على هذا المعنى حیث قیل: إنّ مشرکی قریش إقترحوا على النبی (صلى الله علیه وآله) أن اجعل بیننا وبینک حکماً من الیهود أو قساوسة النصارى؟ کی یخبرونا عنک بما یتوفّر لدیهم من کتب سماویة(4).

فنزلت الآیة کجواب على إشکالهم: هل یوجد غیر الله حَکْماً!

وذیل الآیة شاهد على هذا المعنى أیضاً بقولها: (وَالَّذِینَ آتَیْنَاهُمُ الکِتَابَ یَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَبِّکَ بِالحَقِّ ).

على کلّ حال فإنّ مفهوم الآیة واسع ویحصر الحَکَمیة فی جمیع الاُمور دون استثناء فی ذات الله المقدّسة لأنّا نعلم أنّ مورد الآیة لا یحدّد مفهوم الآیة أبداً.

المستفاد جیّداً من الآیات العشر السالفة هو أنّ الحاکمیة ونفوذ الحکم والأمر فی عالم الوجود وفی عالم الشریعة مختصّ فی ذات الله المقدّسة.

والحاکمیة بمعنى التشریع وهکذا القضاء والحکومة بمعنى التنفیذ کلّها تنشأ منه تعالى ومن یرغب فی التصدّی لبعض هذه الاُمور فلابدّ أن یکون ذلک بإذنه وأمره سبحانه.

غیر أنّ الآیات المذکورة مختلفة، فبعضها یلاحظ فروع الحاکمیة کلّها وبعضها یلاحظ مسألة القضاء أو التشریع فقط، ولکن المستفاد من المجموع هو مسألة (توحید الحاکمیة) بجمیع أبعادها من هذه الآیات.


1. نقلت هذه التفاسیر الثلاثة عن المفسّرین فی تفسیر روح المعانی، ج 25، ص 15.
2. تفسیر الکبیر، ج 27، ص 149.
3. «حکم»: کما یعتقد المرحوم الطبرسی فی مجمع البیان والشیخ الطوسی فی (التبیان) یطلق على من لا یحکم إلاّ بالحقّ فی حین أنّ (الحاکم) یمکن أن یحکم بغیر الحقّ، ولکن لم یتوضّح من أین استفید هذا المعنى إلاّ أنّ القدر المسلّم به هو أنّه صفة مشبهة وتدلّ على الدوام والاستمرار ویطلق على من یحکم باستمرار، والقصّة المعروفة عن (الحکمین) فی حرب صفّین شاهد على نفی هذا المعنى، غیر أنّ هذه الکلمة أو کلمة (حاکم) إذا استعملت فی الله فانّها إشارة إلى القضاء والحکم المنزّه عن کلّ ظلم وخطأ ولیس لهذا ارتباط بالأصل اللغوی.
4. تفسیر روح المعانی، ج 8، ص 7.

 

الحکم لله فقط1 ـ حاکمیة الله فی المنطق العقلی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma