الله سبحانه وتعالى ربّ العالمین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
شرح المفرداتهو المدبّر للاُمور

إنَّ الآیة الاُولى التی نردّدها صباحاً ومساءً تقول: (الحَمدُ للهِِ رَبِّ العَالَمِینَ )قد تکرّرت فی سور قرآنیة عدیدة من قبل العباد أو من قبل الله تعالى، وتکون تارة مرتبطة بالدنیا، واُخرى بیوم القیامة(1).

هذه الآیة تتضمّن فی الحقیقة استدلالا لطیفاً على أنّ الله عزّ وجلّ أهل لکلّ حمد وثناء، لأنّه المربّی الحقیقی للعالمین أجمعین، فهو الخالق وهو الرازق وهو المالک وهو المربّی وهو المدیر والمدبّر وهو المرشد والمعلّم والهادی، والملاحظ أنّ (الحمد) استعمل کجنس یشمل کلّ أنواع الثناء، و(العالمین) کذلک، فانّه جاء على هیئة الجمع المحلّى بالألف واللام فانّه یشمل موجودات العالم کلّها من عقلاء وغیر عقلاء مادیّة وغیر مادّیة (واستعمالها بصورة الجمع العاقل فانّه من باب التغلیب)(2).

وعلیه إنّ ما یقوم به الآخرون من تعلیم وتربیة وإنعام فی زاویة من العالم فإنّ ذلک قبس من فیضه سبحانه، ومن کان مالکاً فإنّ ذلک شعاع من مالکیته المطلقة، ولذا علینا قبل أن نشکر عباده ونحمدهم ونثنی علیهم یجب أن نحمد الله ونشکر ذاته المقدّسة.

والفخر الرازی یقدّم شرحاً إجمالیاً لِنِعَم الله نظراً إلى أنّ الحمد والثناء یکون إزاء النعمة ویقول: «... ثمّ أنّ أصحاب التشریح وجدوا قریباً من 5 آلاف نوع من المنافع والمصالح التی ذکرها الله عزّوجلّ بحکمته فی تخلیق بدن الإنسان ثمّ إنّ من وقف على هذه الأصناف المذکورة فی کتب التشریح عرف أنّ نسبة هذا القدر المعلوم المذکور إلى ما لم یعلم وما لم یذکر کالقطرة فی البحر المحیط» ثمّ یذکر آثار الربوبیة فی بقیّة أنحاء العالم، ویقول: «إنّ هذا المجموع «مجموع نعم الله» مشتمل على ألف ألف مسألة أو أکثر أو أقلّ، ثمّ إنّه تعالى نبّه على أنّ أکثرها مخلوق لمنفعة الإنسان أو کما قال تعالى: ( وَسَخَّرَ لَکُم مَا فِى السَّمَاواتِ وَمَا فِى الأَرْضِ ). (الجاثیة / 13)

وحینئذ یظهر أنّ قوله جلّ جلاله «الحمد لله» مشتمل على ألف ألف مسألة أو أکثر أو أقلّ»(3).

المفسِّر المذکور تحدّث طبعاً فی إطار العلوم السائدة فی عصره، وبملاحظة الإکتشافات الحاصلة فی عصرنا فی المجالات العلمیة المختلفة یتّضح صغر وتفاهة هذه الأرقام والأعداد، ففی جسم الإنسان وحده 10 ملایین ملیار خلیّة! کلّ خلیّة منها تعدّ من خَدَمه ومشمولة بربوبیة الخالق سبحانه وتستلزم الشکر والحمد، ولو أراد الإنسان أن یعدّ هذه الخلایا لیلا ونهاراً فضلا عن حمدها والثناء علیها لاحتاج إلى 300 ألف سنة!

الآیة الثانیة التی تخاطب النبی(صلى الله علیه وآله) تقول: ( قُلْ أَغَیَرَ اللهِ أَبْغِى رَبّاً وَهُوَ رَبُّ کُلِّ شَىء ).

کیف تریدون الإستقلال لأنفسکم عن النظام العامّ لعالم الخلق؟ فالله ربّ الموجودات کلّها فکیف لا نعتقد بأنّه (ربّنا)؟ فهل من الممکن أن نجعل شیئاً تحت ربوبیة الله شریکاً له ونعتبر المربوب ربّاً والمخلوق شریکاً للخالق، والعبد فی عرض المولى؟ فأی حکم هذا؟!

وبملاحظة سعة مفهوم (شیء) الذی یشمل کلّ ما سوى الله سبحانه فإنّ توحید الربوبیة فی هذه الآیة ظاهر بصورة کاملة فالله سبحانه یأمر النبی (صلى الله علیه وآله) ضمن آیتین سابقتین بأن یخاطب المشرکین بصراحة: ( قُلْ اِنَّ صَلاَتِى وَنُسُکِى وَمَحیَاىَ وَمَمَاتِى للهِِ رَبِّ الْعَالَمِینَ ). (انعام / 162)

لماذا أعبد غیره؟ ولماذا أسجد لغیره؟ وکیف أبقى حیّاً بذکر غیره؟ أو أموت فداءً لغیره؟ فی حین أنّه وحده هو الخالق والمالک والمربّی لی.

ونرى هنا التلاحم والتآلف بین (توحید العبادة) و(توحید الربوبیة) حیث أوجدا خلیطاً مربّیاً للروح(4).

فی الآیة الثالثة خطاب للنبی (صلى الله علیه وآله) أیضاً ولکن الکلام هنا جاء عن ربّ السماء والأرض والذی لا یختلف فی الحقیقة عن (ربّ العالمین) و(ربّ کلّ شیء) کثیراً، وإن ذکر بعبارات مختلفة فتقول الآیة: (قُلْ مَن رَّبُّ السَّماوَاتِ والاَْرْضِ)، ولأنّهم لیس بوسعهم الإدّعاء بأنّ الأصنام أو المعبودات البشریة وأمثالها مدبّرة ومربّیة ومنظّمة للسماء والأرض فإنّ الآیة تأمر النبی(صلى الله علیه وآله) مباشرة: أجب عن هذا السؤال و(قُلِ اللهُ).

ینبغی لک أن تهجر کلّ ما سواه وتُعرض عن غیره وتعتمد على ذاته المقدّسة فقط، واجعل قلبک مرتبطاً به وعفّر خدّک له، لأنّ جمیع الموجودات لا تملک لنفسها ضرّاً ولا نفعاً فضلا عن غیرها: ( لاَ یَملِکُونَ لاَِنفُسِهِمْ ضَرّاً وَ لاَ نَفْع). (الفرقان / 3)

الآیة الرابعة تتحدّث عن ربوبیة الله للعرش ولکنّها تبدأ بحاکمیة الله وتقول: (فَتَعَالَى اللهُ المَلِکُ الحَقُّ ).

وهذه جملة تکمّل ما ورد فی الآیة السابقة لها وفیها: (أَفَحَسِبْتُم اَنَّمَا خَلَقنَاکُم عَبَثاً وَاَنَّکُم اِلَینَا لاَ تُرجَعُونَ). (المؤمنون / 115)

ویستفاد منها بأنّه لولا المعاد والقیامة فإنّ خلق الإنسان یکون عبثاً، لأنّ الحیاة لعدّة أیّام فی الدنیا لیست هدفاً سامیاً للخلق وهذا من الدلائل المهمّة للمعاد، سیکون لنا حدیث مفصّل عنها فی بحث المعاد بإذن الله.

ثمّ تضیف الآیة: ( لاَ اِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ العَرشِ الْکَرِیمِ ).

«ملک»: یعنی الحاکم والمالک، ولا یصدق ذلک بمعناه الحقیقی إلاّ فی الله سبحانه لأنّه من شؤون الخالقیة ومستلزماتها ولعدم وجود خالق سواه فانّه لا مالک ومَلک غیره.

ولذا تصفه الآیة بعبارة (الحقّ)، ثمّ تحصر المعبود فیه لأنّ العبادة تلیق بالملک الحقّ وتکمل ذلک بوصفه بـ (رَبُّ العَرشِ الْکَرِیمِ)، هذه الصفات الأربع جاءت لدعم عقیدة المعاد والقیامة الواردة فی الآیات السابقة.

«العرش الکریم»: إشارة إلى عالم الوجود کلّه، لأنّ العرش یعنی کرسی السلاطین العالی، وکرسی الحکومة الإلهیّة کنایة عن مجموعة عالم الخلق وعلى هذا ینسجم مع جملة: (رَبُّ کُلِّ شَیء ) التی جاءت فی الآیات السابقة، واتّصاف العرش بـ (الکریم) الذی یعنی الشریف والمفید والجیّد بسبب أنّ کرسی الحکومة الإلهیّة مصداق کامل لهذه الصفات.

ولکن بعضاً اعتقد أنّ (الکریم) یعنی الصاحب الکریم، ولأنّ هذا المعنى لا یصدق فی العرش فإنّ هذه الصفة تکون لذات الله المقدّسة لا العرش، فی حین أنّ کریم یمکن أن یکون وصفاً لغیر الموجودات العاقلة أیضاً مثل: (لَهُم مَّغفِرَةٌ وَرِزقٌ کَرِیمٌ). (الحج / 50)

أی کثیر الفائدة والشریف(5).

الآیة الخامسة تتحدّث عن ربوبیة الله للبشر وتنقل عن النبی العظیم «إلیاس(علیه السلام)» خطابه لقومه، وفیه وبخّهم على عبادة صنمهم المعروف بـ(بعلْ) وقال لهم: (أَتَدْعُونَ بَعْلا وتَذَرُونَ اَحسَنَ الْخَالِقِینَ) وأضاف: (اللهَ رَبَّکُمْ وَرَبَّ آبَائِکُمُ الاَْوَّلِینَ)(6).

وهذا فی الواقع لجمیع الوثنیین الذین کانوا یبرّرون عبادة الأصنام حینما یسألون عنها بقولهم: إنّ هذه سنّة آبائنا ولا نترکها، وفی المقابل استند النبی إلیاس (علیه السلام) إلى هذا المعنى وهو: أنّ اللائق للعبودیة هو ربّ العالم ومدبّره والمربّی الحقیقی للإنسان، والله ربّکم وربّ آبائکم وأجدادکم فإذا کان اُولئک على خطأ فی معرفة المعبود الحقیقی وربّهم فلماذا تسلکون نفس الطریق الخاطىء؟


1. الأنعام، 10.
2. لهذا فانّه حینما وصف موسى (علیه السلام) الله تعالى أمام فرعون بأنّه (ربّ العالمین) سأل فرعون: ومن ربّ العالمین؟ فأجاب موسى: ربّ السماوات والأرض وما بینهما.
3. تفسیر الکبیر، ج 1، ص 6.
4. «نسک» مفرد وفسّره الکثیر من اللغویین بمعنى کلّ عبادة فی حین فسّره البعض بمعنى الهدی ولکن لا توجد آیة قرینة علیها بل إنّ ظاهر الآیة یدلّ على أنّ المراد هو کلّ العبادات وعلیه یکون ذکره بعد الصلاة من قبل العام بعد الخاصّ.
5. هنا أبحاث مفصّلة فی معنى «العرش» فی اللغة والقرآن الکریم ومنها فی تفسیر الأمثل، ذیل الآیة 54 من سورة الأعراف و ذیل الآیة 3 من سورة یونس.
6. «الله» منصوب لأنّه بدل من (أحسن الخالقین) فی الآیة السابقة وقال بعض إنّه عطف بیان.

 

شرح المفرداتهو المدبّر للاُمور
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma