«فُطور»: من (فَطْر) على وزن سَطْر وهی فی الأصل: الفتق، وقد فسّره البعض کالراغب فی المفردات بالشقّ طولا ومن ثمّ أطلق على کلّ إبداع وإیجاد وخلق، لما فیه من انشقاق حجاب العدم وإبداع الشیء وإیجاده أو اختراعه کما یطلق هذا اللفظ على عملیة استخراج الحلیب من الغنم باصبعین، وکذلک على هدم الصیام (وقد وردت إیضاحات أکثر حول ذلک فی بدایة هذا الجزء فی بحث برهان الفطرة فی موضوع معرفة الله).
«إله»: یعنی ـ کما یقول اللغویون ـ المعبود، وقالوا باشتقاقه من (إلاهة) بمعنى العبادة وقد ذکرنا آراء الکثیر منهم فی الهامش(1).
وقد استعمل هذا المعنى فی مواضع کثیرة من (القرآن الکریم)، کما نقرأ فی قصّة بنی اسرائیل عندما شاهدوا جماعة یعبدون الأصنام فقالوا لموسى: (یامُوسى اجْعَلْ لَّنَا إِلهاً کَما لَهُمْ آلِهةٌ). (الأعراف / 138)
وقد جاء فی قصّة السامری: (وَانظُرْ إِلَى إلهِکَ الَّذِى ظَلْتَ عَلَیهِ عَاکِفاً لَّنُحْرِّقنَّهُ).(طه / 97)
وباختصار فإنّ أرباب اللغة قاطبة وجمع کبیر من المفسّرین اعتبروا (اله) بمعنى المعبود وهو الغالب فی موارد استعماله، وحینما نلاحظ أنّ (اله) قد استعمل فی بعض الحالات بمعنى الخالق أو المدبّر لعالم الوجود فهو لوجود ملازمة ـ فی بعض الحالات ـ بین هذه المعانی وبین المعبود، ولا یکون الاستعمال فی بعض الموارد دلیلا على الحقیقة أبداً، وخاصّة مع تصریح اللغویین على خلاف ذلک، وموارد الاستعمال شاهدة على ذلک أیضاً.
ویمکن القول: أنّ جملة (لا إله إلاّ الله) لا تنسجم مع هذا المعنى وذلک لوجود معبودات غیر الله الواحد بین العرب والأقوام الاُخرى، ولکن الإجابة على هذا السؤال واضحة لأنّ المراد هو المعبود الحقّ لا المعبودات بالباطل، أی: لا معبود حقّاً غیر (الله)، والأصنام لیست أهلا للعبادة، وقرائن هذا المعنى موجودة فی هذه الجملة، کقولنا: لا علم إلاّ ما نفع.
هناک ملاحظة جدیرة بالتدقیق وهی أنّ البعض اعتبر (إله) من (وله) وتعنی (تحیّر) وفیها إشارة إلى الذات التی تحیّرت فیها العقول، بَیدَ أنّ المشهور بین اللغویین هو المعنى الأوّل أی أنّه من مادّة (ألَهَ) بمعنى العبادة.
وقد توضح ممّا ذکرنا أنّ إصرار البعض على أنّ (اله) لا یعنی (معبود) غیر مقبول أبداً.