إنَّ الله سبحانه وجود کامل، ومثل هذا الوجود یکون مصدراً للفیض على الموجودات وکمالها، فهل یعقل أنَّ مصدر الکمال یحرمُ الموجودات الاُخرى من فیضه ولا یعرّفهم ـ على الأقل ـ نفسه؟ مع أنّ هذه المعرفة سبب لرقیّهم وکمالهم یدفعهم نحو ذلک الوجود الکامل والفیّاض.
وعلى ضوء هذا البیان یتّضح أنّه لو کان هناک عدّة آلهة لوجب أن یکون لکلّ إله منهم رسل، وأن یعرّف نفسه إلى مخلوقاته، وأن یشملهم بفیضه التکوینی والتشریعی.
والنتیجة هی: أنّنا لو وجدنا أنّ الرسل بأجمعهم یخبرون عن إله واحد، لاتّضح أنّ غیره لا وجود له.
بهذا التمهید نرجع إلى القرآن الکریم ونمعن خاشعین فی الآیات الکریمة التالیة:
1 ـ ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِکَ مِنْ رَّسُول إِلاَّ نُوحِى إِلَیهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ).(الأنبیاء / 25)
2 ـ ( وَاسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِکَ مِنْ رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحمنِ آلِهَةً یُعْبَدُونَ).(الزخرف / 45)
3 ـ ( قُلْ أَرأَیْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِنْ دوُنِ اللهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْکٌ فِى السَّماواتِ ائْتُونِى بِکِتاب مِّنْ قَبلِ هذَا أَوْ أَثَارَة مِّنْ عِلْم إِنْ کُنْتُم صَادِقینَ). (الأحقاف / 4)