الاستناد إلى الحدس والتخمین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
أسماء بلا عناوینتمهید

تحدّثت الآیة الرابعة فی أوّلها عن مالکیة الله لجمیع مَن فی السماوات والأرض حیث تقول: ( أَلاَ إِنَّ للهِِ مَنْ فِى السَّماواتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ ).

وهذا التعبیر یمکن أن یکون إشارة إلى عقیدة المشرکین الذین أقرّوا بأنّ المالک والحاکم الأصلی هو الله، ومع ذلک فإنّهم کانوا یعبدون الأصنام، کما یمکن أن یکون إشارة إلى أنّ النظام الواحد لعالم الوجود دلیل على أنّ المدبّر الواحد هو الحاکم علیه.

ثمّ تضیف: ( وَمَا یَتَّبِعُ الّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَکاءَ ).

بل إنّهم یتّبعون أوهامهم وظنونهم فقط: ( إِنْ یَتَّبعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ یَخْرُصُونَ )(1).

«یخرصون»: ـ کما اُشیر سالفاً ـ مشتقّ من (خرْص) ویأتی بمعنى (التخمین) و(الکذب) لأنّ التخمین لا یصیب فی أکثر الموارد، وآیة البحث تحتمل المعنیین.

وقد ورد هذا المضمون وبفارق یسیر فی الآیة الخامسة التی تقول بعد ذکر انحراف عبدة الأوهام: ( وَما یَتَّبِعُ أَکثَرُهُمْ إِلاَّ ظَناً إنَّ الظَنَّ لاَ یُغنِى مِنَ الحقِّ شَیئ)، ثمّ تهدّد هؤلاء الظانین بتعبیر ذی معنى کبیر: ( إِنَّ اللهَ عَلیمٌ بِما یَفْعَلُونَ ).

أجل، إنّ الظنّ والوهم کالسهم فی الظلام، لا یمکن أن نصیب به الهدف، ولو أصاب الهدف أحیانا فإنّه یکون محض صدفة، من دون معرفة للهدف.

«الظنّ»: فی اللغة یشمل کلّ ظنّ ووهم، وإن أطلق أحیاناً على الیقین أیضاً إلاّ أنّ المراد فی آیة البحث هو المعنى الأوّل.

ومن الملاحظ إنّ اتّباع الظنّ ینسب إلى أکثرهم لا إلى جمیعهم، وقد لفت هذا المعنى نظر الکثیر من المفسّرین.

فقال البعض إنّ (أکثر) هنا تعنی الجمیع (ولم یقم على هذا التفسیر دلیل).

ومن الأفضل: أن یقال إنّ الآیة تقصد الغالبیة الجاهلة التی تتأثّر بالأوهام الخاطئة وتتعرّض للشرک، وتقابلها الفئة القلیلة من رؤوس الضلال الذین یدعون الناس إلى الضلال(2)على علم منهم، والأمل فی الهدایة موجود طبعاً فی الفئة الاُولى فقط والخطاب موجه الیهم.

کما احتمل البعض أنّ فی (أکثر) إشارة إلى جماعة تتبع الظنّ والوهم طیلة حیاتها ومن جملتها (الشرک) فهی تطفو فوق أمواج من الأوهام وحجب الظلام والخیال(3).

الآیة السادسة تُشبه الآیة الثانیة فی مضمونها من جهات، حیث تقول: (إِنْ هِىَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّیْتُمُوهَا أَنْتُم وَآبَاؤُکُمْ مَّا أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطان ) وهذه الجملة توضّح هیمنة روح التقلید الأعمى على المشرکین حیث اتّبعوا أسلافهم بعیون وآذان مغلقة ثمّ تضیف: ( إِنْ یَتَّبعُونَ إِلاَّ الظَنَّ وَمَا تَهوى الأَنْفُسُ ).

والملاحظة الجدیدة هنا هی عطف (هوى النفس) على (الظنّ) وهو تعبیر کثیر المعنى وفیه إشارة إلى أنَّ هذه الظنون الواهیة تنشأ من هوى النفس الذی یجعل من الباطل حقّاً فی منظارهم، فهم إذن یعبدون أهواء أنفسهم فی الواقع والأصنام الاُخرى ولیدة لها!

وعلیه یکون مصدر الانحراف والضلال لدیهم فی الواقع أمرین: عدم الاستناد إلى الیقین من الناحیة العقلیة والعقائدیة والتمسّک بالظنون والإنصراف عن فطرة التوحید الصحیحة من الناحیة العاطفیة والإستناد إلى هوى النفس.

وهذه النقطة جدیرة بالإهتمام أیضاً وهی أنَّ (یتّبعون) و(تهوى) فعلان مضارعان، ویعنی ذلک أنّ هؤلاء یستمرّ اتباعهم للظنّ وهوى النفس ویتلونون کلّ یوم بلون جدید!

والملاحظ إنّ أوّل الآیة تخاطب المشرکین وآخرها تذکرهم باستخدامه ضمیر الغائب (التفات من المخاطب إلى الغائب) وفی ذلک إشارة إلى أنّهم لا شأن لهم حتّى یستحقّون الخطاب.

أظهرت الآیة السابعة والأخیرة الحقیقة نفسها ولکن فی إطار جدید حیث تقول: ( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِه آلِهَةً ) ( قُلْ هَاتُوا بُرْهانَکُم ).

ولعدم امتلاککم دلیلا واضحاً وموجّهاً على الشرک فإنّکم مدانون.

ثمّ تقوم الآیة بتوضیح الدلیل على بطلان عقیدتهم وتقول: ( هَذَا ذِکْرُ مَنْ مَعِىَ وذِکْرُ مَنْ قَبْلِى )(4).

والتعبیر بـ (ذکْر) بدلا عن الکتب السماویة إشارة إلى أنّ جمیع هذه الکتب عامل تذکیر

ووعی، وقد ذکر بعض المفسّرین معانی اُخرى لکلمة «ذکر» ولکنّها لا تبدو مناسبة.

وقد أکدّ ذیل الآیة مرّة اُخرى على هذا المضمون حیث یقول: ( بَلْ أَکثرُهُمْ لاَ یَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُونَ)، وإن کانت هناک فئة قلیلة تدرک القضایا، إلاّ أنّها لا تظهر الحقّ لإحساسها بالخطر على مصالحها اللامشروعة.

ویمکن الإستنتاج جیّداً من مجموع الآیات الواردة بأنّ الشرک وعبادة واتخاذ آلهة من دون الله لیس له دلیل عقلی ولا برهان نقلی، ومن المحال أن تکون مثل هذه القضیّة المهمّة موجودة ولا یوجد لها دلیل عقلی أو نقلی، وعلیه فإنّ فقدان الدلیل هذا، دلیل قاطع على بطلانه.


1. وفقاً لهذا التفسیر تکون (ما) فی (وما یتبع) نافیة وفاعل (یتبع) هو (الذین) ومفعول (شرکاء) أی أنّ المشرکین لا یتّبعون فی الحقیقة شریکاً لله تعالى (لأنّ الله لا شریک له وهؤلاء الشرکاء من صنع الأوهام)، ولکن احتمل جمع من المفسّرین بأنّ (ما) هنا إستفهامیة فیکون معنى الجملة هو: أی شیء یتّبعونه من دون الله ویجعلونه شریکاً له؟ فهل هناک إلاّ الظنّ؟ (النتیجة فی الإثنین واحدة تقریباً). راجع تفسیر مجمع البیان; وتفسیر الکبیر; والقرطبی; وتفسیر الکشّاف; وروح المعانی فی ذیل آیة البحث وقد احتمل البعض أنّ (ما) هنا موصولة إلاّ أنّه یبدو بعید.
2. ورد ما یشابه هذا المضمون فی تفسیر روح البیان، ج 4، ص 45; وتفسیر روح المعانی، ج 11، ص 103.
3. وقد ورد هذا الاحتمال أیضاً فی تفسیر روح المعانی.
4. فی هذه الآیة استدلال بالدلیل النقلی فی حین استدلّ فی الآیتین السابقتین بالدلیل العقلی وبرهان التمانع (تدبّر).

 

أسماء بلا عناوینتمهید
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma