إنَّ الآیة الثالثة والأخیرة ضَمَّت الدلیل النقلی المذکور إلى جانب دلیل عقلی آخر إذ تقول: ( قُلْ أَرأَیتُم مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْکٌ فِى السَّماواتِ).
فلو کانت تلک المعبودات معبودات حقیقیّة فإنّها ینبغی أن تکون مبدأً للفیض، وعلى الأقل أن تخلق قسماً من الأرض وتساهم فی خلق السماوات، فهل یعقل أن یکون الإله فاقداً للفیض؟
ومن جهة اُخرى: أی نبی دعا الناس إلى آلهة متعدّدة؟: ( ائتُونِى بِکِتَاب مِنْ قَبلِ هذَا أَوْ أَثَارَة مِّنْ عِلْم إِنْ کُنْتُم صادِقینَ).
وهذا التعبیر یشیر إلى أنّ الأنبیاء(علیهم السلام) أجمعوا على التوحید، وهذا الإجماع أو الاتّفاق دلیل واضح على القضیّة، وبهذا یکون کتاب الخلق دلیلا على التوحید وکذلک کتب الأنبیاء السابقین.
«أثارة من علم»: من مادّة (أثر) ولهذا اللفظ ـ کما فی (مقاییس اللغة) ـ ثلاثة معان: التقدیم، الذکر وأثر الشیء.
وقد ورد هذا المضمون فی تفسیر الفخر الرازی ولکن بتعبیر آخر حیث ینقل المعانی الثلاثة لـ (اثار)(1).