خالقیة الله للکون

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثالث)
هو الخالق لکلّ شیء1 ـ الخطوة الاُولى نحو الشرک فی الخالقیة

لا ینکر حتّى المشرکون أنّ الله هو الخالق للکون، والآیة الرابعة تطرح مسألة التوحید فی إطار آخر وهو أنّ المشرکین أنفسهم یُقرّون أنّ الأصنام لیست خالقة للسماء والأرض والشمس والقمر أبداً وتقول: ( وَلَئِنْ سَأَلتَهُم مَّن خَلَقَ السَّماوَاتِ والاَْرْضَ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والْقَمَرَ لَیَقُولُنَّ اللهُ ).

فقد کان المشرکون یعتقدون أنّ الأصنام شریکة لله فی العبادة أو لها التأثیر على مصیر الإنسان فی الخالقیة، فلا یصدق عاقل بأنّ کتلة من الحجر والخشب مصنوعة بید الإنسان على هیئة الصنم تکون خالقاً للسماء والأرض وحتّى أنّهم لم یعتقدوا أنّ للأنبیاء والأولیاء هذا المقام أیضاً.

یحتمل أن تکون هذه الآیة إشارة إلى نفوذ هذه العقیدة فی أعماق الفطرة الإنسانیة، وعلى أیّة حال فإنّ الفصل بین (توحید الخالقیة) و(توحید العبادة) تناقض صریح، لأنّ الخالق والرازق هو اللائق بالعبودیة فهو الذی سخّر الشمس والقمر لینعم بهما الإنسان وجعلهما فی خدمته.

بناءً على ذلک لا تنفصل (الخالقیة) عن (الربوبیة) ولا (الربوبیة) عن (الاُلوهیة)، وبعبارة أوضح: هو الخالق وهو المدبّر للعالم وهو أهل لعبودیة العباد.

وقد حاول بعض المفسّرین مثل مؤلف تفسیر (فی ظلال القرآن) أن یعتبر التفات مشرکی العرب إلى (توحید الخالقیة) ناشىء من تعلیمات الأنبیاء کالنبی إبراهیم (علیه السلام)(1).

إلاّ أنّه لا ضرورة لهذا الإصرار، حیث یقرّ کلّ إنسان بهذه الحقیقة عند مراجعته للعقل والوجدان، کما اُشیر إلى هذا المضمون فی تفسیر روح البیان(2).

إنّ الإستناد إلى مسألة الخلق ثمّ التسخیر إشارة إلى مسألتی (الخلق) و(التدبیر) حیث یکون الجمیع بأمره والمراد من (التسخیر) فی هذه الآیة ـ بقرینة آیات التسخیر الاُخرى الواردة فی القرآن الکریم ـ هو استخدامها فی سبیل المصالح البشریة.

وعبارة ( فَأَنّى یُؤْفَکُونَ) مع ملاحظة اشتقاقه من (افک) بمعنى (إرجاع الشیء عن مسیره الأصلی) یمکن أن یکون إشارة إلى أنّ المسار الصحیح والمنطقی هو أنّهم بعد الإقرار بخالقیة الله وتدبیره فی عالم الوجود «أن لا یعبدوا سواه»، إلاّ أنّهم انحرفوا عن الطریق فتعرّضوا إلى العواصف العاتیة للشیطان والنفس التی رمت بهم ـ کالقشّة ـ من الطریق المستقیم إلى التیه والضلالة (لاحظ أنّ المؤتفکات تعنی الریاح المضادّة).

فی الآیة الخامسة استناد خاصّ إلى کون الأصنام مصنوعة بالید حیث تقول: (وَاللهُ خَلَقَکُم وَمَا تَعمَلُونَ ) وذلک لما ورد فی الآیة السابقة لها عن قول إبراهیم (علیه السلام) ـ رمز التوحید ـ للمشرکین: ( اَتَعْبُدُونَ مَا تَنحِتُونَ )؟ ویقول فی هذه الآیة: (واللهُ خَلَقَکُم وَمَا تَعمَلُونَ )فلا تستحقّ أی منها العبادة، بل إنّ أصنامکم موجودات أحطّ منکم لأنّها مصنوعة بأیدیکم.

و «ما»: فی جملة (وما تعملون) فی هذه الحالة تکون موصولة.

وقد احتمل بعض أو أصرّوا على أنّ اعتبار (ما) هنا مصدریة فیکون معنى الآیة: إنّ الله خلقکم وخلق أعمالکم، فی حین لا یتناسب هذا المعنى لأنّه:

أوّلا: إنّ الله یوبّخ الکفّار فی الآیة على عبادتهم للأصنام فلو کان الله خالقاً لأعمالهم فلماذا التوبیخ؟!

ثانیاً: إنّ جملة (ما تعملون) دلیل على أنّهم خلقوا أعمالهم، وعلیه لا تنسجم مع الخلق الإلهی.

ثالثاً: فی الآیة السابقة ورد حدیث عن الأصنام التی کانوا یصنعونها بأیدیهم فالمناسب أن تکون (ما) هی المراد هنا، وإلاّ فإنّ الآیات تفقد ترابطها، ولذا اختار کثیر من المفسّرین التفسیر الأوّل أمثال الزمخشری، فی الکشّاف والآلوسی فی روح المعانی، والعلاّمة الطباطبائی فی المیزان وغیرهم.

وهنا سؤال یطرح نفسه وهو: کیف یمکن أن تکون الأصنام مصنوعة لله والبشر فی الوقت ذاته؟!

یقول الزمخشری: إنّ موادها مخلوقة لله وصورتها مخلوقة لصانعی الأصنام(3).

إلاّ أنّ الصورة والشکل مخلوقة لله من إحدى الجهات، لأنّ الله سبحانه أعطى الإنسان القدرة وخلق فیه هذا العلم والمهارة وإن نهاه عن سوء الاستفادة منها.

وأخیراً نواجه فی الآیة السادسة والأخیرة عبارة جدیدة فی باب توحید الخالقیة حیث تقول: ( اَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالاَْمرُ ) و( تَبَارَکَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِینَ).

ولا شکّ فی أنّ الآیة دلیل على انحصار (الخلق) و(الأمر) فی الله عزّوجلّ(4)، وعلیه فإنّ الآیة تبیّن (توحید الخالقیة) بوضوح.

ولکن وقع بین المفسّرین کلام حول المراد من (الأمر)، فبعض فسّره بمعنى تدبیر العالم والأنظمة والقوانین الجاریة وذلک بقرینة الآیات الکثیرة التی ورد فیها هذا المعنى نظیر (فَالْمُدَبِّراتِ أَمر). (النازعات / 5)

والآیة: ( اللهُ الَّذِى سَخَّرَ لَکُمُ الْبَحْرَ لِتَجرِىَ الْفُلکُ فِیهِ بِأَمرِهِ). (الجاثیة / 12)

الآیة: (النُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِاَمرِهِ). (النحل / 12)

وآیات عدیدة اُخرى.

أمّا بعضهم الآخر فقد اعتبرها بمعنى الأمر التشریعی والدستور الإلهی المقابل للنهی، فیکون معنى الآیة: أنّ الخلق خاصّ بالله والأمر والدستور التشریعی یصدر عنه أیضاً، مثل: (فَلیَحذَرِ الَّذِینَ یُخَالِفُونَ عَن اَمرِهِ). (النور / 63)

وفی تفسیر ثالث فُسّر (الأمر) بمعنى الإرادة مثل: ( اِنَّ اللهَ بِالِغُ اَمرِهِ). (الطلاق / 3)

وفی تفسیر رابع فسّر عالم (الخلق) بعالم المادّة، وعالم (الأمر) بعالم المجرّدات وذلک بقرینة قوله تعالى: (یَساَلُونَکَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرّوحُ مِن اَمرِ رَبِّى). (الاسراء / 85)

والواضح أنّ التفسیر الأوّل من بین هذه التفاسیر أکثر انسجاماً مع الآیات القرآنیة الاُخرى ومع آیة البحث أیضاً، لأنّ القرآن الکریم یرید أن یذکّر المشرکین بهذه الحقیقة، وهی أنّ الخلق وتدبیر المخلوقات مختصّ بالله والشاهد على ذلک قوله: ( رَبُّ الْعَالَمِینَ )فی ذیل الآیة، وعلیه فإنّ الأصنام لا دور لها لا فی الخلق ولا فی التدبیر والربوبیة، فلماذا تعبد إذن؟!


1. تفسیر فی ظلال القرآن، ج 6، ص 428.
2. تفسیر روح البیان، ج 6، ص 488.
3. تفسیر الکشّاف، ج 4، ص 51.
4. تقدیم (له) على الخلق والأمر دلیل على الحصر.

 

هو الخالق لکلّ شیء1 ـ الخطوة الاُولى نحو الشرک فی الخالقیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma