25. العبرة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
السیرة المبارکة لسماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مدّظلّه)
المنفى الثالث إلى «أنارک نائین»موعظة بقلم الاستاذ

إنّ المسار الصعب فی حرکة الإنسان لتهذیب النفس والسلوک إلى الله بالرغم من کونه یتجلّى للسالک فی کل منزل بمناظر ومشاهد رائعة وجذّابة (حیث یجدها السالک بالشهود القلبی والمعارف الیقینیة البهیجة فی عالم الیقظة أو على الأقل فی الرؤیا الصادقة فی حیاة المؤمن السالک) ولکنّ کل هذه التجلیات والمناظر تصل إلى الذروة عندما یصل السالک فی مسیرته المعنویة وفی خط الانفتاح إلى الله إلى منازل متقدمة ویکون شیخاً فی هذا الطریق ویصل فی عمره إلى سنوات متقدمة من النضج، لأنّه:

أوّلاً: إنّ الإنسان السالک قد تحمل فی مسیرته هذه آلاماً وأتعاباً کثیرة فی هذه المنازل وفی طریقه المتعرج والصعب إلى لقاء الله کما تقول الآیة الشریفة: (یَا أَیُّهَا الاِْنْسَانُ إِنَّکَ کَادِحٌ إِلَى رَبِّکَ کَدْحاً فَمُلاَقِیهِ)(1)، وقد تحمل الکثیر من أجل الدفاع عن حریم الربّ، وحراسة الدین الإلهی، ومن الطبیعی أنّ حظه من لقاء الربّ سیکون أکثر، وسیکون حظه من رؤیة جمال المحبوب أکثر.

ثانیاً: إنّ ظرفیّة الإنسان السالک وسعته الوجودیة فی هذه المواقع وهذه الأعوام ستکون أکثر وأوسع من ظرفیته فی المراحل السابقة، وبدیهی أنّ أرضه الواسعة ستنال أمطاراً أکثر کما یقول المثل «کلما کان السطح أکبر فانّ الثلج النازل علیه أکثر».

ثالثاً: إنّ هذا الإنسان السالک یعیش فی هذا العمر تجارب أکثر ویعیش النضج العقلی والعاطفی من خلال التجارب الکثیرة التی مرّت علیه فی حرکة الحیاة والواقع من صدود وتنکر أهل الدنیا له، التجارب التی أحسّ فیها بالانکسار والفشل حیث تکون مقدّمة للیقظة والبناء، التجارب التی عاش فیها الأوهام والطموحات: (کَسَرَاب بِقِیْعَة یَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَآءً)(2)، وغرور الدنیا: (وَمَا الْحَیَاةُ الدُّنْیَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)(3)، ومظاهر الدنیا البراقة: «کلّ شیء من الدنیا سماعه أعظم من عیانه...»(4) التجربة التی یعیشها السالک بجمیع وجوده وأعماق وجدانه فی حیاته أو حیاة الآخرین تثمر فإنّ لازمها القهری والطبیعی الانقطاع عن جمیع هذه الظواهر البراقة والموهومات الخداعة وقطع الأمل بجمیع أنواع التعلقات الدنیویة والانشداد القلبی الخالص نحو الرفیق الأعلى وعالم البقاء (کلّ شیء هالک الاّ وجهه).

بدیهی أنّ العوامل المذکورة أعلاه «وبعض العوامل الاُخرى» تثبت حقانیة الحضور والشهود وابتهاج الیقین والمعرفة للسالک فی خط الإیمان بصبغة اُخرى وتمنحها قوة واعتباراً أکثر، واضفاء مزید من التجلیات لهذا التکامل المعنوی والصفاء الروحی والیقین القلبی.

إنّ أشکال التعب والکدح المضنی الذی یتحمله المؤمن السالک فی سبیل الدفاع عن الدین السماوی واحیاء مذهب أهل البیت(علیهم السلام) یحتاج إلى ظرفیة وجودیة أوسع وانقطاع أکمل فی واقع الإنسان الوجدانی، وبالتالی زیادة فی الوعی والحکمة والیقین بالحقانیة التی تنعکس کلها بشکل عام على کلمات السالک وفی طیات قلمه (بحیث إنّ نثره یتضمن معالم الحرقة والعاطفة، وکذلک شعره یمتاز بالاشراقات المعرفیة والفیوضات الحکمیة وسیأتی توضیح ذلک لاحقاً) وهکذا تمتد کلماته ومواعظه إلى أعماق الروح وتنفذ نصائحه إلى القلب فتؤثر فی النفس تأثیراً مضاعفاً، لأنّ المواعظ والنصائح الصادرة من السالک فی هذه المرحلة من العمر إنّما تصدر من أعماق قلبه وتتمیز بالصدق والصفاء والاخلاص، ولذلک نرى صدور هذه النصائح بدون تکلّف أو تصنّع فی العبارة وبدون استخدام أدوات الفصاحة والبلاغة التی تبعد المستمع أو القارىء عن فهم أصل المطلب وجوهر الموعظة.

والآن بعد هذه المقدّمة المختصرة، إذا أردت تصدیق هذه الحقیقة، کما هو حال کاتب هذه السطور، فعلیک أن تطهر روحک المتعبة بالدموع الحارة وتسقی قلبک الضمآن من کوثر المرشد الزلال وتجلس عند مجلس الوعظ معنا لنستمع إلى استاذنا ونصغی لکل ما یقوله وما یکتبه من نصائح وعبر ونتحرک فی خط السلوک المعنوی بقراءة «رسالة العبرة» و«فی مسیر القرب الإلهی» لسماحة الاستاذ، ومع رعایة «التقوى» نتخلص من التعلق بالمقامات المادیة والدنیویة التی هی أقل قیمة وقدراً من أن یفکر بها الإنسان السالک، ولا نغفل عن «دور التجارب» فی حیاة الفرد ونهتم بالتالی بـ «جبران الاخطاء» والتی تدعونا إلى أن «نخطو کل یوم خطوة جدیدة إلى الأمام» ونحصل على السکینة والطمأنینة من خلال «مکافحة الوسواس» ونتحرک باتجاه «العثور على ضالتنا الأصلیة» ومع إزالة حجب الأنانیة والنوازع النفسانیة فی التفوق والسمعة نزیل عن قلوبنا «الحجاب الأعظم»، وأخیراً عندما نتجه مع «نغمات العاشقین» باتجاه طریق أولیاء الله یتجلّى لنا عنصر الفقر الکامل فی أنفسنا للذات المقدّسة ونتخلص بذلک ومن خلال نفی الشرک والریاء من «آخر مانع فی طریق الحق».


1. سورة الانشقاق، الآیة 6.
2. سورة النور، الآیة 39.
3. سورة آل عمران، الآیة 185.
4. بحار الأنوار، ج 8، ص 191، ح 168.

 

المنفى الثالث إلى «أنارک نائین»موعظة بقلم الاستاذ
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma