أمّا الخصلة الثانیة، فالاستاذ یرى منذ سالف الزمان، أی منذ سنوات تألیف التفسیر الأمثل القیم وإلى هذا الوقت الذی یشتغل فیه الاستاذ بتألیف التفسیر الموضوعی «نفحات القرآن» والتفسیر الترتیبی لـ «نهج البلاغة» أنّ أفضل ساعات لهذا العمل هی أول ساعات الصباح الباکر (السابعة صباحاً) وذلک فی عملیة «التألیف الجمعی» وأمّا ساعات التحقیق والمطالعة الشخصیة فإنّه جعل ساعة «بین الطلوعین» لهذا الغرض باعتبارها أفضل الساعات.
عندما قرأت لأول مرّة مقالة فی أحد الموضوعات السیاسیة فی صحیفة الاطلاعات ورأیت أنّ الاستاذ استطاع بمهارة فائقة کتابة عشر ملاحظات فی عمود الصحیفة ومع نظم جید وترتیب منطقی وقلم جذّاب وسلس «بحیث یستغرق کتابة هذه المقالة للأشخاص العادیین عدّة ساعات من الفکر والتأمل قطعاً» فسألت الاستاذ متعجباً: متى کتبتم هذه المقالة، وکم استغرقت کتابتها من وقت؟ فأجاب: «کتبتها عند وقت السحر أو بین الطلوعین، فاننی اُخصص هذا الوقت وهذه الساعة لکتابة المواضیع التی تحتاج إلى خلاّقیة وابداع ونفس هادئة وذهن فارغ من التشویش».
وعندما سألته: هل تشعر فی تلک الساعة وبسبب غلبة النوم بالکسل؟
فأجاب: «لقد اعتدت على الاستیقاظ بین الطلوعین وحتى لو أردت النوم لا أتمکن من ذلک».
وممّا یثبت وجود هاتین الخصلتین فی روحیة الاستاذ أننا لا نرى الکثیر من العبارات فی کلمات الاستاذ من قبیل: «الیوم السابق» أو «یبقى إلى الجلسة اللاحقة» أو «لقد وعدت فلاناً» أو «لیس لی رغبة فی هذا الیوم»، ونرى فی کلمات الاستاذ امتیازاً خاصاً فی إدارة الجلسة، وبالنتیجة یشعر الاستاذ نفسه وکذلک رفاقه أنّهم فی هذا الیوم أفضل من السابق وأنّ العمل قد تقدم خطوة إلى الأمام بالنسبة إلى الیوم السابق وأنّهم اقتربوا من الغایة المطلوبة من التألیف والتحقیق فی المواضیع المطروحة.
