ومن تجلیات الاخلاص الاُخرى، النظر إلى باطن العمل وبالتالی فانّ الإنسان یتحرک وهو ینظر إلى البعید ویخطط لمسیرة حیاته لأهداف بعیدة، إنّ العجلة والتسرع من جهة، وعدم الاعتماد على النفس من جهة اُخرى تعدّ من الآفات التی یبتلى بها البعض والتی تعتبر مانعة من الاستمرار فی الکثیر من الأعمال والنشاطات، بخلاف الاعتماد على النفس والابتعاد عن العجلة والتسرع فانّ الإنسان بإمکانه حینئذ من فتح القلاع وازالة الموانع مهما کانت قویة ومستحکمة فی الظاهر، وعلى هذا الأساس نرى أنّ الاستاذ کثیراً ما یکرر فی حدیثه هذه العبارات: «من المحال أن نصل إلى طریق مسدود» أو «إنّ طول الزمان کفیل بالکشف عن الحقائق، وإن لم یتحقق ذلک فی زماننا فسوف یتحقق بعد ذلک» أو «لا ینبغی الاصرار على رؤیة نتیجة أعمالنا فی زمان حیاتنا، بل لا ینبغی الاصرار على الانتهاء من العمل الصالح فی حیاتنا لنرى ثمرته وآثاره الطیبة فی حیاتنا، فعلینا فتح الطریق وعلى الآخرین إدامته!».
بهذا النمط من التفکیر نجد أنّ الاستاذ وبکامل الشهامة والأمل بدأ بإنجاز مشاریع علمیة مهمّة من قبیل «التفسیر الأمثل» و«نفحات القرآن» و«نفحات شرح نهج البلاغة» وذلک لتربیة الجیل المعاصر بدون الاحساس بالتعب والملل، لا سیّما عندما یلاحظ التحوّلات الروحیة والفکریة فی عملیة تربیة الناس (التی تعتبر الهدف الأصل لرجل الدین) فمن الضروری للمربی أن یأخذ بنظر الاعتبار هذه التحوّلات التدریجیة فی واقع الإنسان، ویأخد بنظر الاعتبار عامل الزمان فی بناء شخصیة الإنسان وفکره، فلا یسمح للتعب أن یتوغل إلى قلبه فی عملیة التبلیغ الدینی ولا یکون مثل بعض الناس الذین یردون المیدان بکامل الشوق والحرارة ولکنّهم بمجرّد أن یواجهوا بعض المشاکل والتعقیدات أو عدم الاهتمام فإنّهم یترکون المیدان ویصیبهم الیأس والقنوط من هدایة الشباب والجیل المعاصر!.
إنّ التألیفات العدیدة والمتنوعة لسماحة الاستاذ فی المجالات الاجتماعیة والأخلاقیة، وطول المدّة فی عمله فی هدایة الجیل الحاضر شاهد حی على هذا المدّعى.
