خطبة صلاة الاستسقاء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
السیرة المبارکة لسماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مدّظلّه)
شروع صلاة الاستسقاء16. التوجّه الدائم والذکر المستمر

بسم الله الرّحمن الرّحیم الحمد لله ربّ العالمین وصلّى الله على سیّدنا محمّد وآله الطیّبین الطاهرین المعصومین لاسیّما بقیة الله المنتظر أرواحنا فداه.

إنّ إحدى السنن الإسلامیة المهمّة إقامة صلاة الاستسقاء عند الجفاف والقحط، وکما تقدمت الإشارة إلیه أنّ هذه الصلاة مستحبة باتفاق علماء الشیعة جمیعاً، والمشهور لدى علماء السنّة الاستحباب أیضاً.

ویمکن القول بشکل عام أنّ صلاة الاستسقاء کانت تقام فی أزمنة متفاوتة، ففی زمان النبی الأکرم خاتم الأنبیاء محمد(صلى الله علیه وآله)، جاءت جماعة إلیه وقالوا: «إنّ الناس یعیشون فی ضیق ومشقة ودوابنا تکاد أن تهلک من قلّة الماء».

فقال النبی(صلى الله علیه وآله): تعالوا معی، فتحرّک الجمیع وخرجوا من المدینة وصلّى النبی ودعا الله تعالى فنزل مطر کثیر، ثم قال: لو کان أبو طالب حیاً الآن لفرح من ذلک.

وقال الناس: «ماذا تعنی یارسول الله؟».

 

فقال أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام): «لعلک ترید شعر أبی طالب هذا»:

وأبیض یستسقى الغمام بوجهه *** ربیع الیتامى عصمة للأرامل

یلوذ به الهُلاَّک من آل هاشم *** فهم عنده فی نعمة وفواضل

قال النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله): «نعم، لهذا أردت»(1).

وللمرحوم صاحب الجواهر فی هذا المورد کلاماً شیّقاً جدّاً حیث یقول:

«والذی ینبغی للناس إذا ظهرت مخائل الجدب والغلاء أن یفزعوا إلى الله تعالى، ویلحّوا فی الدعاء لیلاً ونهاراً سرّاً وجهاراً عن صدر نقی وقلب تقی وإخبات وإخلاص خوفاً وطمعاً، فانّ ذلک یحرک سحاب الجود، والمناجاة سبب النجاة، وبالاخلاص یکون الخلاص».

ویضیف صاحب الجواهر إلى ذلک بقوله:

«وینبغی أن یکون الدعاء بعد التوبة والاقلاع عن المعصیة ورد المظالم واخراج الحقوق والتواصل والتراحم والمواساة والتصدق، فانّ ذلک أنجح فى المطلب وأسرع إلى إجابة الربّ عزّ شأنه.

ویقول أیضاً: ومن أعظم الأسباب فی ذلک، التوبة والاستغفار، فإنّهما الماحیتان للذنب الذی هو السبب الأقوى فی ظهور الغلاء والجدب»(2).

وقد ورد عن أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) أنّه قال فی خطبة له:

«إنَّ الله تَعالى یَبْتَلى عِبادَهُ عِنْدَ ظُهُورِ الاَْعْمالِ السَّیِّئَةِ بِنَقْصِ الَّثمَراتِ وَحَبْسِ الْبَرَکاتِ وَإغْلاقِ خَزائِنِ الْخَیْراتِ لِیَتُوبَ تائِبٌ وَیَقلَعَ مُقْلِعٌ وَیَتَذَکَّر مُتَذَکِّرٌ وَیَزْدَجِرَ مُزْدَجِرٌ وَقَدْ جَعَلَ الله تَعالى الاِْسْتِغْفارَ سَبَباً لِدُرُورِ الرِّزْقِ وَرَحْمَةِ الْخَلْقِ...»(3).

أیّها الأخوة والاخوات الأعزاء الذین اجتمعتم فی هذه الصحراء وإلى جوار بیت الله وإلى جوار بیت صاحب الزمان الإمام المهدی (عجّل اللّه تعالى فرجه الشّریف) وربّما یکون هذا الجفاف بنفسه رحمة إلهیة للناس.

ربّما کان هذا الجفاف ذریعة لتتوجهوا جمیعاً للتوبة والاستغفار ووسیلة إلى أن تتحرکوا جمیعاً من موقع تطهیر قلوبکم من الذنوب والخطایا.

إلهنا! لقد دعوتنا إلیک وجئت بنا إلى هذا المکان..

إلهنا! إنّ مجموعات کبیرة من هذا الجمع الغفیر صائمین، فاذا کنت أنا مذنباً، فانّ من بین هذا الجمع قلوب طاهرة ونفوس منیبة إلیک وتعیش الولاء والعشق لک...

إلهی! فی هذا المکان أطفال أبریاء ذو نفوس طاهرة ونقیة، فاذا کنّا نحن الکبار مذنبین لا نستحق الرحمة فترحم على هؤلاء الأطفال... (4).

ربّنا! إنّنا جئنا إلى هذا المکان لنجدد معک العهد ونطلب من ساحة رحمتک وکرمک رفع البلایا والزلازل والجفاف وشرّ الأعداء عنّا وعن جمیع المسلمین (آمین الحضّار).

إلهنا! إنّنا جئنا باب بیتک لنعلن توبتنا، فأول شروط قبول الدعاء هو التوبة، ولنقل جمیعاً عدّة مرات «إلهی العفو»، ثم أطلب من الأخ المداح أن یتقدّم بذکر عدّة جملات للتوسل والدعاء وندعو جمیعاً من صمیم القلب.

لنضع أمام أعیننا جمیعاً الذنوب التی ارتکبناها والخطایا التی احتطبناها على ظهورنا، ونتوجّه بعد هذه الصلاة وفی هذه الصحراء وفی هذا المکان المقدّس بقلوب مفعمة بالعشق والفضیلة ونقول: «إلهی العفو».

وبعد أن انتهى سماحته من کلامه هذا توجّه الحاضرون باخلاص وبقلوب متحرقة وعیون باکیة وکرروا جملات الدعاء المذکور عدّة مرّات بتأثر بالغ وصوت عال، ثم إنّ أحد المدّاحین أخذ بقراءة جملات ومقاطع الدعاء والتوسل.

وعاش جمیع المصلّین أجواء عجیبة من التوجّه والالتفات إلى أهل البیت الطاهرین(علیهم السلام)وتوسلوا بباب الحوائج إلى الله علی الأصغر الطفل الرضیع ابن الإمام الحسین(علیه السلام) وتذکروا المأساة والظلم الذی ارتکبه الأعداء بحق هذا المظلوم الصغیر(علیه السلام)وانقلبت حالة الحاضرین وسیطرت على تلک الأجواء روحانیة عجیبة.

وبعد ذکر المصیبة رفع خطیب الصلاة یدیه إلى السماء وقرأ هذا الدعاء:

«اللّهُمَّ إِنّا نَسْأَلُکَ وَنَدْعُوکَ بِاسْمِکَ الْعَظیمِ الأَعْظَمِ، الأَعَزِّ الأَجَلِّ الأَکْرَمِ، یا اللّهُ یا اللّهُ یا اللّهُ، یا جَوادُ، یا کریمُ، یا جَوادُ یا کَریمُ، یا غَفّارُ، یا غَفّارُ، یا غَفّارُ، یَا مَنّانُ، یا مَنّانُ، یا مَنّانُ، یا مَنّانُ، یا مَنّانُ، یا ذَالْجُودِ وَالاِْحْسانِ، یا حَمیدُ بِحَقِّ مُحَمَّد (آمین الحضّار)، یا عال بِحَقِّ عَلِىٍّ (آمین الحضّار)، وَیا فاطِرُ بِحَقِّ فاطِمَة (آمین الحضّار)، وَیا مُحْسِنُ بِحَقِّ الْحَسَنِ (آمین الحضّار) وَیا قَدیمَ الاِْحْسانِ بِحَقِّ الْحُسَیْنِ (آمین الحضّار) اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنا (أربعة مرّات)، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عُیُوبَنا (ثلاثة مرّات) وَانْشُرْ عَلَیْنا رَحْمَتَکَ، إِنَّکَ أَنْتَ الْوَلِیُّ الْحَمیدُ، اللَّهُمَّ نَزِّلْ عَلَیْنا غَیْثاً مُبارَکاً».

إلهنا! ندعوک بذلک الدعاء المعروف، فمن دعاک به استجبت دعاؤه، ونقول:

«اللَّهُمَّ، اِنّا نَسْئَلُکَ بِفَاطِمَةَ وَأَبیها وَبَعْلِها وبَنیها(5)، أَنْ تُصَلِّىَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمّد وَأَنْ تُرسِلَ عَلَیْنَا السَّمـاءَ مِدْراراً وَأَنْ تُنَزِّلَ عَلَیْنَا غَیْثَاً مُبارَکاً. اِنَّکَ عَلى کُلِّ شَىْء قَدیرٌ وَعَجِّلْ فی فَرَجِ وَلِیّنـا صـاحِبِ الْعَصْرِ وَالزَّمانِ».

بعد الانتهاء من الصلاة أخذت جموع الناس بالتفرّق والعودة إلى مدینة قم المقدّسة بینما بقیت جماعة اُخرى فی ذلک المحل للاستفادة أکثر من ذلک الجو المعنوی والروحانی الساحر وتوجّهوا إلى مسجد جمکران لأداء صلاة الإمام صاحب الزمان (عجّل اللّه تعالى فرجه الشّریف) والاشتغال بالذکر والدعاء والتوبة والاستعفار وطلب نزول المطر.

أمّا ما بقی من صلاة الاستسقاء هذه فهی القلوب التی تعیش حالة الاضطراب لجمیع الناس الذین عادوا إلى بیوتهم فی انتظار استجابة الدعاء، وبقیت عیونهم القلقة تنظر إلى السماء بین اللحظة والاُخرى یحدوها الأمل برحمة الله تعالى.

ومرّت لحظات الانتظار الصعبة کأنّها أعوام متمادیة ولکن تحقّق الوعد أخیراً، ففی أول لیلة السبت ومساء ذلک الیوم الذی اُقیمت فیه صلاة الاستسقاء ظهر الرعد والبرق فی السماء وارتسمت على ملامح المؤمنین معالم الفرح السرور وانبعث الأمل فی قلوب الناس برحمة الله.

أجل، فالسماء أعلنت عن انتهاء ساعات الانتظار والقلق والاضطراب، حیث ظهرت الغیوم برحمة الله تعالى وهطلت الأمطار الغزیرة على رؤوس الناس وأنعشت بذلک قلوبهم الظمأى وأروت الأرض الیابسة فاهتزت لها الأرض والنباتات طرباً وفرحاً بهذه الرحمة الإلهیّة الکبیرة، ولم یقتصر نزول المطر على مدینة قم بل شمل الکثیر من المدن الاُخرى وبذلک استجاب الله تعالى دعاء المصلّین وشملهم برحمته وکرمه.

إلهنا! نحمدک ونشکرک على کل هذا اللطف والکرم والفضل ونسألک أن تدخلنا دائماً فی ساحة رحمتک ورضوانک.

 


1.ـ طالعوا شرح هذه الروایة فی کتاب بحار الأنوار، ج 91، ص 331، ح 17.
2.ـ جواهر الکلام، ج 12، ص 130 وفیما بعد.
3ـ بحار الأنوار، ج 91، ص 336، ح 20.
4. ـ عندما وصل کلام سماحته إلى هذا المکان تأثر الجمع بشدّة وارتفعت أصوات البکاء من کل صوب وحدب.
5. ـ وفی هذه اللحظة أخذ الناس بالبکاء مرّة اُخرى وکانت أصوات البکاء تسمع من کل جانب.
شروع صلاة الاستسقاء16. التوجّه الدائم والذکر المستمر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma