على أیّة حال، إنّ التوجه الدائم والذکر المستمر والمراقبة الروحیة لدى الاستاذ ظهرت فی أفعاله وحالاته بأشکال مختلفة، ومن ذلک ما یتمتع به الاستاذ من لطافة روحیة وحالات عرفانیة وعلاقة شدیدة بالشعر والشعراء لا سیّما ما تمثله أشعار «حافظ» وبعض الشعراءالمعاصرین کأشعار «شهریار» من معان سامیة وأجواء معنویة عالیة (حیث نسمع منه أبیات کثیرة فی جلساته العلمیة وغیر العلمیة) ویتحدث الاستاذ نفسه فی هذا المجال ویقول:
«إننی أشعر بعلاقة شدیدة بالشعر والأدب، ولذلک فانّ قراءة الأشعار والقصائد فی دواوین الشعر تمثل ترفیهاً لنفسی لرفع التعب والارهاق من العمل، وعادةً أقوم قبل مطالعة کتاب وقبل الاستراحة وخاصة بعد الظهر باختیار دیوان حافظ من بین قدماء الشعراء، ومن الشعراء الجدد دیوان شهریار، وکلا الدیوانین أضعهما إلى جانب سریری، فأقرأ مقداراً منهما وأشعر بالسکینة والراحة النفسیة ثم یمتلکنی النوم. أرى أنّ حافظ یعد أقوى شاعر فی فرع الغزل، وبغض النظر عن بعض الصفحات والعبارات الوقحة فانّ فی أشعاره عبارات یمکن أن تُفسَّر بتفسیرات عرفانیة، ولکننی أنظر إلى قدرة حافظ وخلاقیته فی الشعر وجمال بیانه العظیم فی عالم التشبیه وما یتضمنه من ملاحظات ظریفة ودقیقة، وبالطبع أنّ قصائده العرفانیة قویة جدّاً، بحیث إنّ الإنسان إذا کرر قراءتها عشر مرّات فانّها لا تفقد صفاءها وروحانیتها.
أمّا شهریار فیعد من بین الشعراء المعاصرین شاعراً مقتدراً جدّاً، ویتحرک فی ظل أجواء حافظ ویعترف بنفسه بأنّ استاذه الحقیقی هو حافظ، ولکن الانصاف أنّه جاء بتجدید کثیر على المستوى الأدبی والشعری، فعندما نقرأ شعر شهریار نشعر بمزید من اللطافة ولذّة الشاعریة ویشعر الإنسان معها بزوال الملل والکسل عن مرآة الروح.
وشهریار بالطبع کانت لحیاته مراحل مختلفة وانعکس ذلک على أشعاره، فأحیاناً نقرأ فی أشعاره وقصائده أبیاتاً متسافلة ومنحطة من الناحیة الدینیة، والواقع أنّ مثل هذه القصائد کانت نتیجة ضغط المحیط الاجتماعی والثقافی، ولکن على أیّة حال کانت عاقبته إلى خیر ورحل من الدنیا بعاقبة حسنة وخلّف وراءه قصائد وأشعاراً جیدة، وأجد فی نفسی ارتباطاً وثیقاً بأشعاره».
