الجمع بین التدین والثقافة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
السیرة المبارکة لسماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مدّظلّه)
فی مواجهة المارکسیینمداد العلماء واقعاً أفضل من دماء الشهداء

الجدیر بالذکر أنّ ما یبدیه الاستاذ من حساسیة فی مواجة الأفکار المنحرفة وقدرته الفائقة فی الاجابة على الشبهات المختلفة وسرعة بدیهته فی الردّ على الأسئلة وعلامات الاستفهام، قد أثار فی الطلاّب الشباب فی الحوزة العلمیة حرکة من الهیاج والشوق، وتبدلت جلساته الاسبوعیة التی کان یعقدها فی لیالی الخمیس لغرض دراسة المباحث والمعارف المعاصرة المطروحة على بساط البحث بغیث سماوی على صحراء الفکر الجافة فأروت طلاّب الحوزة العطاشى لمثل هذه الأفکار والمعارف.

إنّ أهمیّة هذا الموضوع تتجلى أکثر إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ البحث فی هذه المواضیع والامساک بالقلم وکتابة مثل هذه المقولات وکذلک إصدار مجلة، یعدّ فی ذلک الوقت (خروجاً على جمیع القوالب والأطر الحوزویة) ویعتبر لدى بعض المدرسین فی الحوزة جرماً، ودلیلاً على السطحیة وعدم التعمق فی المسائل العلمیة، هؤلاء غفلوا عن أنّ الاستاذ لا یتحرک على مستوى تقیید الدین وحبسه فی الابراج العاجیة، بل یهتم بإحیاء الفکر الدینی وینطلق بقوّة للدفاع عن المذهب والدین والاجابة على شبهات الجیل الحاضر وإیجاد الحلول التی تلامس أزمات المجتمع الفکریة والقضاء أخیراً على الثنویة بین «المثقف» و«المتدین».

یقول أحد تلامذة(1) الاستاذ القدامى فی مقدمة رسالته الانتقادیة(2) للاستاذ راسماً حالة الاستاذ فی الماضی فیما کان ا لاستاذ یعیشه من ثقافة معاصرة وروحیة إصلاحیة فی ذلک الوقت، ویقول:

«... فی سنة 1335 هـ ش أی قبل (43 سنة) وعندما کان الاستاذ عائداً من حوزة النجف الأشرف ومن جوار مرقد مولى الموالی أمیرالمؤمین الإمام علی(علیه السلام)، وعندها کان لی تسعة عشر ربیعاً، تشرفت بالمجیء إلى الحوزة العلمیة فی قم وأقمت إلى جوار فاطمة المعصومة(علیها السلام)، فی بدایة تلک الأیّام حیث کنت أسکن فی إحدى حجرات مدرسة الحجّتیة مع آیة الله الحاح الشیخ جعفر السبحانی، فجئت إلیَّ لملاقاتی بکل تواضع والحال أننی کنت فی ذلک الوقت طالباً مبتدئاً ومجهولاً وکنت أنت فی سن الثلاثین من العمر وتعتبر من أساتذة الحوزة العلمیة ومن المجتهدین.

إنّ هذه المعرفة أدّت تدریجیاً إلى استحکام الرابطة بین الاستاذ وتلمیذه واستمرار التعاون الفکری فی مجال تأسیس نهضة مبارکة ومتکاملة فی وسط الحوزة العلمیة «لأول مرّة بعد تأسیسها» حیث تمّ التوجه إلى المسائل المعاصرة والاهتمام بروح الزمان، وفی الحقیقة أنّه قد حدث تحوّل کبیر فی «علم الکلام والفکر الإسلامی».

إننی لا نسى تلک الجلسات الجذّابة والشیقة فی لیالی الخمیس والجمعة والتی خلقت تحوّلاً کبیراً فی وسط الجیل الشباب من طلاّب العلوم الدینیة، فمضافاً إلى معطیات هذه الجلسات البناءة والنافعة «من قبیل کتاب: خالق العالم، کیف نتعرف على الله، الزعماء العظام والمسؤولیات الأعظم، القرآن والنبی الخاتم، وهی سلسلة فی إثبات الصانع، صفات الله، النبوة العامة، والنبوة الخاصة» وهناک عشرات الکتب والرسائل العلمیة تمّ تحریرها بواسطتکم وبمساعدة الاخوان المشترکین فی تلک الجلسات مع الأخذ بنظر الاعتبار الأجواء الحاکمة على ذلک الزمان وحاجة الناس إلى أفکار ومعارف دینیة تسد نقاط الفراغ وتعالج أشکال الخلل والشبهة فی الذهنیة المسلمة والمجتمع الإسلامی...

وفی عام 1340 هـ ش وبعد رحلة المرحوم آیة الله العظمى البروجردی(قدس سره)مرجع الشیعة على الاطلاق کانت مجلتکم «مکتب اسلام» تدخل فی عامها الثالث وکان سماحتکم قد اختار ستة أشخاص من المعاونین لیکونوا أعضاءً فی الهیئة التحریریة لهذه المجلة المبارکة ...

وبعد مضی عشر سنوات من اشرافکم على المجلة وکونکم صاحب الامتیاز فیها وکنت أنا عضواً للهیئة التحریریة وکذلک أشغل منصب المدیر الداخلی لهذه المجلة، وبعد ذلک عندما شرعتم بإصدار مجلة سنویة تهتم بإنقاذ الجیل الصاعد من شبابنا من قبل مؤسسة «نجاة الشباب» کنت بدوری من معاونیکم وأنصارکم، مضافاً إلى أننی قمت فی تلک السنوات بتألیف وترجمة بعض الکتب الدینیة وکنت أکتب مقالات فی مجلة «مکتب التشیع» التی کان یشرف علیها المرحوم الشهید محمد جواد باهنر والشیخ هاشمی رفسنجانی والمرحوم محمد رضا الصالحی الکرمانی والسید محمد باقر مهدوی الکرمانی.

والحقیقة أننا منذ أن انتهت مؤسسة «نجاة الشباب» وکان سماحتکم برغم من أشغاله فی اللیل والنهار وتخصصکم فی العلم و(الفقه والاُصول) وبمساعدة سماحة آیة الله السید علی المحقق الداماد الابن المکرم لاستاذکم الجلیل (المرحوم آیة الله العظمى المحقّق الداماد) حیث قمتم بخلق آثار علمیة مهمّة وفقاً لمقتضیات العصر وانسجاماً مع حاجات الشباب من الطلاّب، فلا أنسى أننی کنت لفرط السرور لا یقرّ لی قرار، وأتذکر بوضوح فی تلک البرهة الزمنیة أنّی کنت قد عقدت کل أملی فیکم وفی نشاطاتکم الدینیة والعلمیة (العقد الرابع عندما کانت لنا رحلات قصیرة وطویلة مع سماحتکم وکنت معکم وفی خدمتکم لیل نهار، وأتذکر من جملة الأسفار التبلیغیة فی شهر رمضان 1342 هـ ش سفری إلى عبادان بمصاحبة الشیخ هاشمی الرفسنجانی (حیث بدأ بإصدار صحیفة سریة ثوریة باسم «بعثت» وقد تمّ إغلاقها فی تلک الفترة وفی ذلک الزمان).

لابدّ أنّکم تتذکرون أوقات السحر فی شهر رمضان المبارک حینما کنّا فی منزل «المرحوم الحاج غلام علی الخرّمی» وکانت هناک محاروات مفیدة وبناءة فی مجال الثورة الإسلامیة وعملیة التجدید وضرورة التغییر فی أنساق الحوزة العلمیة فی قم وکذلک النکات اللطیفة والجذّابة للشیخ هاشمی الرفسنجانی وتأثرکم الشدید بمناجاة «علی جانم، علی جانم» وغیرها.

فی ذلک السفر وقفت بصورة أوضح وأفضل على قابلیاتکم وبُعد نظرکم فی مجال الإصلاحات وعملیة التغییر الجذری وواقع التجدید فی الحوزة وقد سمعت منکم مطالب شیّقة ودقیقة کفیلة بتحسین الأوضاع تماماً.

وأیضاً استمیحکم عذراً فی العودة إلى العقد الرابع واستجلاء بعض أفکارکم الجدیدة ومشاریعکم الإصلاحیة «التی تعدّ فی ذلک الیوم بدیعة تماماً ولیس لها سابقة فی الحوزة العلمیة» واُشیر هنا إلى بعض هذه الموارد:

تتذکرون حتماً أننا کنّا نجلس جلسة اُخرى بعد انتهاء الجلسات المذکورة تحت عنوان «ماذا نعرف عن الإسلام؟» وقد کانت قصیرة العمر، وکما قلتم عن أحد أعضاء الجلسة المؤثرین الذی یرید القفز فوق الحبال وکانت الظروف حینذاک غیر مواتیة، فکانت ثمرة تلک الفترة التی تناهز العامین هی کتابین فقط: «المرأة والانتخابات» و«البلایا الاجتماعیة للقرن الحاضر»... وفی هذه الجلسات استطعت أنا والآخرون أن نتعرف أکثر على أفکارکم الجدیدة واطروحاتکم البدیعة والخلاّقة.

کنت تقول: لیس لدینا سوى العمل على خلق نهضة «رنسانس»، ومن أجل أن لا یختلط المقصود مع نهضة الإصلاح الدینی فی الغرب قلتَ مضیفاً: إنّ مقصودی هو اجراء تغییر فی البنیة الفکریة والاجتماعیة والاقتصادیة والسیاسیة للاُمة الإسلامیة بالاعتماد على القیم والمبادىء والتعالیم الدینیة» لا إصلاح الدین، الذی یعنی إجراء تغییر فی نفس الدین واُصوله وماهیته ومحتواه.

وهذا ما حدث فی أجواء العالم المسیحی فی نهضة «رفورماسیون» وحرکة «البروتستانتیة».

لقد طالعت من خلال کتبکم وتألیفاتکم حالة «الاستغراب» وتبعیة بعض شبابنا المثقفین للغرب قبل أن أقرأ کتاب «الاستغراب» للسید جلال آل أحمد «وذلک فی مقالات متعددة فی مجلة «مکتب اسلام» ویتذکر سماحتکم أننی

کنت فی أحد الجلسات الاسبوعیة لعلماء عبادان «فی أیّام الجمعة» أتحدّث فی محاضرة مطولة تقریباً عن هذا الموضوع وکنت أستشهد بکلماتکم فی تلک المقالات وکذلک بکتاب «الاستغراب» القیم للسید جلال آل أحمد...

إنّ سماحتکم فی الوقت الذی تشعرون فیه بالألم والتأسف على تخلف المجتمعات الإسلامیة وما أصابها من انحطاط وذبول وتقهقر وعلى الرغم من أنّ هذا الوضع الفعلی مؤید من قِبل أغلبیة المتحجرین الذین یعیشون الماضویة فی أجواء الحوزة العلمیة، ولکنکم کنتم تشعرون بضرورة إجراء تغییر جذری لحالة التأخر والتخلف الحضاری والثقافی والتصدی لتسلط الأجانب على نمط التفکیر لدى المسلمین وقراءتهم المنحرفة والمشوهة عن الإسلام.

لقد قررتم وذکرتم بصراحة وبشجاعة أنّ الأفکار السائدة بین الناس وحتى بین الکثرة من الخواص ملوثة بأنواع الخرافات والنقائص والبدع ومعالم الانحراف عن الصراط القویم وکنتم تعتقدون أننا ینبغی علینا العمل على إزالة بعض التابوات شبه الدینیة والخطوط الحمراء المجعولة بعنوان عقائد دینیة متداولة فی أجواء العرف الاجتماعی قبل إحداث أی ثورة فی الاطار الاجتماعی والسیاسی، فیجب إصلاح الرؤیة الکونیة التقلیدیة «الممتزجة مع الخرافات والجعلیات» بشکل سریع وبناء.

وأخیراً قام سماحتکم ولأول مرّة بعد تأسیس الحوزة العلمیة فی قم بتعریف الشخصیات الکبیرة فی عالم الإصلاح الدینی مثل «السید جمال الدین الأفغانی» و«الشیخ محمد عبده» و«الکواکبی» و«کاشف الغطاء» و«السید شرف الدین» وأمثالهم إلى شبابنا المتوقد فی الحوزة العلمیة فی قم وبالإستلهام من أفکار هؤلاء العظماء فی مسألة «إحیاء الفکر الإسلامی» قمت بهذا المشروع الإصلاحی حیث رأیت بعد ثمان سنوات هذا العنوان وهذه الحرکة الإصلاحیة فی تألیفات الاستاذ الشهید مرتضى مطهری...

ومن أجل أن أضعکم أمام الواقع الملموس أو الأکثر موضوعیة ومصداقیة فانّی أُذکِّر سماحتکم بالأفکار الإصلاحیة التی کنتم تتبنّونها فعندما اعترض بعض رفاقکم فی تلک الجلسة على اُسلوب عمل بعض الأعاظم فی الحوزة العلمیة قلتم له:

«إنّ الانتقاد والاعتراض على الأشخاص لم ینفعنا شیئاً ولن یداوی جرحاً، بل یجب العمل على تغییر المعاییر الحاکمة على الحوزة لتحقیق التحوّل المطلوب فی واقع الأفراد أنفسهم».

وعلى أیّة حال فانّ الکثیر من تألیفات سماحة الاستاذ (دام ظله) شاهد على إمکان تزریق الدین فی شرایین المجتمع الإنسانی وبالتالی إدغام التصدیق الدینی والإیمان القلبی مع الفراسة الاجتماعیة، وبهذا یساهم «التحقیق الدینی» فی حلّ «المعضلات الثقافیة والاجتماعیة» حتى لدى أشّد المذاهب والأدیّان جموداً وتقلیداً، وبهذا أثبتت عملاً أفضلیة مداد العلماء على دماء الشهداء.

إنّ کتب الاستاذ وتألیفاته من قبیل «خالق العالم»، «کیف نتعرف على الله»، «أشباه الفلاسفة»، «سلسلة جیل الشباب» ومجلّة «مکتب اسلام» وغیرها، تعد شاهد صدق على هذا المدّعى، بحیث یتحدّث سماحته فی هذا المجال ویقول:

«نحن مع بعض الاخوة کنّا فی المجلة نکتب تحت عنوان «مطبوعات» وکنّا نشرف على المطالب والمواضیع التی تنشر فی سائر الصحف والکتب الاُخرى، وخاصة تلک الصحف والکتب التی تتحرک فی خط الانحراف والمواجهة مع الدین، فکنّا نتصدى لمثل هذه الکتابات ونسعى إلى إصلاح الخلل فی هذا النمط من التفکیر، وکانت حرکتنا هذه مؤثرة جدّاً فی الذهنیة العامة وکانت لنا ذکریات جمیلة منها».

 


1. المرحوم حجّة الإسلام على حجّتی الکرمانی (طاب ثراه).
2. نشر فی جریدة (فتح) (المجمدة من قبل الدولة) فی تاریخ 26/11/1378.
فی مواجهة المارکسیینمداد العلماء واقعاً أفضل من دماء الشهداء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma