ویذکر سماحة الاستاذ فی مقدّمة کتابه «الحیاة فی ظلّ الأخلاق» نموذجاً آخر من هذا القبیل ویقول:
«ماذا نبحث فی هذا الکتاب؟ إنّ ما تواجهه البشریة من أزمة وطریق مسدود، صراع المعذَّبین والبائسین، الحروب الدامیة، کثرة الجرائم وازدیاد ارتباک العلاقات العائلیة ووهنها وضعف وشائج الودّ والمحبّة بین الأفراد و.. کل ذلک شاهد صادق على هذه الحقیقة، وهی أنّ القوانین المتداولة فی العالم المعاصر بالرغم من بذل الجهود ظاهراً لاصلاحها وتحسینها فانّها لیس فقط لم تثمر فی تحسین حیاة الناس فی حرکة الواقع الاجتماعی بل أدّت إلى زوال الأمل بمستقبل أفضل للبشریة، ولا نعلم إلى متى ینبغی علینا أن نجرّب هذه القوانین البائسة؟ هؤلاء لا یستطیعون أن یتحرکوا من أجل حمایة أولیائهم فکیف بحمایة الآخرین؟ هذه القوانین بمثابة أبار عمیقة تصل أحیاناً إلى الصخور الکبیرة تحت الأرض، وکلما سعینا لشق وتحطیم تلک الصخور والتوغل فی أعماقها فاننا سنعیش حالة التعب الشدید دون أن نصل إلى الماء، وعلى هذا الأساس یجب علینا البحث عن مصدر المشکلة ونرى أین یکمن العیب؟ وبعد تشخیص الخلل نتحرک صوب إیجاد الحل لهذا المشکل، ففی المرحلة الاُولى نواجه هذه الحقیقة، وهی أنّ هذه القوانین تمثل أدویة للاستعمال الخارجی فقط فلیس لها تأثیر إلاّ فی الظاهر والسطح، إنّ هذه القوانین لم تتمکن من النفوذ إلى أعماق الوجدان البشری الذی یعتبر منبع حرکات الإنسان وسعیه فی خط الصلاح والسعادة، وبالتالی لم تتمکن من تعبئة جمیع طاقات الإنسان وتفعیلها لمکافحة هذه المشاکل وعلاج تلک الآلام والأزمات»(1).
ویتحدث الاستاذ فی کلماته هذه ویذکر لنا عدّة أمثلة تعکس اطلاعه الواسع فی مجال العلوم العامة بحیث یقول:
«أی قانون یتمکن «مثلاً» أن یضغط على تلک الفئة من أثریاء العالم الذین یوصون بجمیع ثروتهم بعد وفاتهم إلى کلابهم وقططهم، وإیجاد وسائل الرفاهیة فی قریة القطط للأثریاء، ویعید إلیهم عقلهم وعاطفتهم الإنسانیة ویدعوهم إلى دعم ملایین الجیاع فی أفریقا؟
أیّ قانون بإمکانه نفخ روح حبّ الآخرین فی وجدان الأشخاص الذین یملکون قِطع ألماس تبلغ قیمة الواحدة أربعة عشر ملیون توماناً، أو یملکون ألبوم للطوابع البریدیة تبلغ قیمتها عدّة ملایین، أو نرى فی غرفة الاستقبال بعض التزیینات والآثار الغالیة جدّاً، ویدعوهم بالتالی بدل ذلک إلى إنقاذ ملایین الأشخاص الذین یعانون من مرض الجذام والسرطان والسل؟...»(2).
لا شک فی أنّ هذا النوع من البحوث التی یمتزج فیها الموضوع العقائدی مع هذا القبیل من الأمثلة یتمتع بجاذبیة خاصة لدى جمیع القراء.
إنّ الخصوصیة المذکورة أدّت إلى أن ینفذ الاستاذ إلى أعماق روح الناس وأذهانهم وخاصة الشباب، ویکشف عن أشکال القلق والاضطراب فیهم ویهتم بإیجاد الحلول للشبهات والأسئلة المختلفة لدیهم ومعالجة أزماتهم التی تعصف بکیانهم.
1. «زندگى در پرتو اخلاق»، ص 5 ـ 6 (بالفارسیة).
2. «زندگى در پرتو اخلاق»، ص 6 ـ 7 (بالفارسیة).
