17. خـلــوص النیّة(1)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
السیرة المبارکة لسماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مدّظلّه)
لطافة الروح والعلاقة بالشعررمز النجاح والموفّقیّة

إنّ کبار العلماء والفقهاء وأصحاب السلوک فی میدان العلم والعمل یعیشون القلق النفسی دائماً فی دائرة اخلاص العمل، ومع کثرة نشاطاتهم وفعّالیاتهم الدینیة والاجتماعیة یشعرون دائماً بالخوف من تلوث هذه الأعمال بنیّات اُخرى وبالتالی یخشون عدم قبولها عند الله تعالى، ینقل الشهید المطهری عن السید البروجردی (رضوان اللّه تعالى علیه) أنّه قُبیل وفاته بعدّة أیّام ذکر بعض أصحابه الذی کان یخدمه فی حیاته: لقد رأیته مغموماً جدّاً، وقال لی: إنّ عمری یکاد ینتهی ولحدّ الآن لم أتمکن من أن أتدارک نفسی وأبعث بعمل صالح إلى آخرتی، فقال أحد الأشخاص وکان حاضراً فی تلک الجلسة: أیّها السید الجلیل کیف تقول هذا الکلام، فنحن المساکین یجب أن نتکلم بهذا الکلام، وأنت بحمد الله قد قدّمت کل هذه المؤلّفات والأعمال الخیرة، واستطعت تربیة هذا العدد الغفیر من الطلاّب، وکتبت هذه الکتب، وقمت ببناء المسجد الأعظم، وبناء مدارس دینیة... فعندما تکلّم هذا الشخص بذلک إلتفت إلیه السید وقال له: إنّ الحدیث الشریف یقول: «أخلص العمل فانّ الناقد بصیر بصیر»، فماذا تقول بعد ذلک؟ فهل تظن أنّ الوضع فی ذلک العالم یشابه ما نراه ویراه الناس فی هذا العالم (إنّ الله خبیر بما تعملون) (اقتباس من کتاب التعلیم والتربیة فی الإسلام، ص 372).

 

إنّ خلوص النیّة من الخصال التی تقدّم الکلام عنها فی البحوث السابقة تحت عنوان «الاستقامة والجدّیة»، وقد وردت هذه الخصلة فی القرآن الکریم على أساس أنّها أحد رکنی التقدم والتکامل فی جمیع الاُمور وأداة مهمّة للعبور من الازمات والمآزق والوصول إلى «السُبُل» الإلهیّة: (وَالَّذِینَ جَاهَدُوا فِینَا لَنَهْدِیَنَّهُمْ سُبُلَنَا)(2).

تتحدث هذه الآیة الشریفة عن عنصرین من عناصر الحرکة فی خط الإیمان والتکامل المعنوی وهما: (جاهدوا) واخلاص النیّة (فینا...) وبهذین الرکنین الأساسیین یتمکن الإنسان من تحصیل الامدادات الغیبیة والهدایة المعنویة فی مسیرته نحو الکمال الإنسانی، وقد تحدّثنا عن عنصر الإستقامة والجدّیة للاستاذ فی الفصول السابقة، وفی هذا الفصل نتحدّث عن مقام اخلاص النیّة لسماحته فی میدان التحصیل العلمی والتدریس والتألیف منذ بدایة ورود الاستاذ إلى هذا المیدان، ومن جملة النقاط(3) التی یرکز علیها أصحابه هی: هذه الحقیقة، ویقولون:

«فی نظری أنّ الاُمور التی ساعدت سماحته على الرقی والسیر فی مدارج الکمال المعنوی والعلمی ونیل الامداد الغیبی والمعونة الإلهیّة بل أهم النقاط فی حیاته، هو اخلاصه المعنوی وارتباطه الوثیق بالله تعالى».


1. إنّ ما یمنح جمیع أعمال الإنسان وأقواله وسلوکیاته روحاً وصفاءً هو عنصر النیّة والباعث النفسانی لذلک العمل، فالنیّة تصبغ جمیع الأعمال بصبغة خاصة وتضعها باتجاه معین وتختم بظلالها على جمیع أفعال الإنسان. إنّ الدوافع المادیة والبواعث الإلهیّة لها تأثیر مختلف على أعمال الشخص وبالتالی فالنتائج مختلفة ومتفاوتة أیضاً حیث تکون معطیات کل من هذه الدوافع وتجلیات هذه البواعث مختلفة.
فالأشخاص الذین یتحرکون بدوافع غیر إلهیّة فانّهم یستخدمون جمیع الوسائل والأدوات المشروعة وغیر المشروعة للوصول إلى أهدافهم وأغراضهم، بل قد یتمسکون فی مسیرهم هذا بالمقدّسات أیضاً ویضعون على أعمالهم مسحة القداسة، ولکنّهم فی نهایة الأمر یرومون نیل مصالح دنیویة ویهدفون لتحصیل مطامع مادیة حیث یستولی على وجودهم حبّ الدنیا.
وفی ذلک یقول الإمام الصادق(علیه السلام): «اذا رأیتم العالم محبّاً للدنیا فاتهموه على دینکم فان کلّ محبّ لشی یحوط ما أحبّ». (اصول الکافی، ج 1، ص 46).
ومن هنا ندرک أهمیّة وضرورة تصفیة النیّة من بدایة الأمر لطلاّب العلوم الدینیة وأتباع مدرسة الإمام الصادق(علیه السلام)، فلابدّ أن یضع رجل الدین نصب عینیه رضا الله تعالى وأن یکون الباعث له على سلوکه فی هذا المسیر هو مرضاة الله وترویج شریعة النبی محمد(صلى الله علیه وآله)، والتبلیغ للقرآن الکریم ومذهب أهل البیت(علیهم السلام)، وفی غیر هذه الصورة فانّ ما یناله من العلم لیس لا ینفعه شیئاً فحسب، بل کلما ازداد علماً ازداد ضلالاً وانحرافاً عن الحق.
إنّ طالب العلوم الدینیة لو انطلق فی تحصیله العلمی من موقع حبّ الشهرة والمقام والریاء، وأراد التکسب بالقرآن والسنة وتحصیل المال والدنیا بهذه العلوم لا طلب الآخرة، فانّ الضرر الذی یترتب على ذلک أکثر بکثیر من نفعه، وستکون خیانته للدین أکثر من خدمته له، ومثل هذا الشخص لیس له حظ من الثواب الإلهی وستذهب أتعابه وأعماله هباءً منثوراً ولا تکون مقبولة عند الله تعالى.
یقول الإمام الصادق(علیه السلام): «من أراد الحدیث لمنفعة الدنیا لم یکن له فی الآخرة نصیب ومن أراد به خیر الآخرة أعطاه الله خیر الدنیا والآخرة» .
إنّ النیّة الصافیة والبواعث الخالصة لله تعالى تمنح البرکة لأعمال المسلم وتؤثر فی زیادة سعیه ونفوذ کلمته وتطیل بقاءه ودوامه.
إنّ تحصیل النیّة الخالصة وتطهیر القلب من الدوافع الدنیویة والنوازع النفسانیة غیر الإلهیّة یعدّ من أکبر النعم الإلهیّة على العبد الصالح.
یقول الإمام الصادق(علیه السلام): «ما أنعم الله عزّ وجلّ على عبد أجلَّ من أن لا یکون فی قلبه مع الله عزّ وجلّ غیره». (بحار الأنوار، ج 70، ص 249).
إنّ الوصول إلى هذا المقام الرفیع یحتاج إلى سعی مستمر وجهد بلیغ.
«قیل إنّ تلامذة المرحوم السیّد بحرالعلوم رأوه یوماً مستبشراً ومتبسماً ولما سألوه عن سبب ذلک قال: إننی بعد مجاهدة نفسی مدّة خمس وعشرین سنة، لمّا نظرت إلى نفسی الآن رأیت أنّ أعمالی غیر مقترنة بالریاء
واستطعت أن اُزیل هذه الحالة الذمیمة من نفسی». (سیماى فرزانگان، ص 122).
2. سورة العنکبوت، الآیة 69.
3. آیة اللّه ذاکر الشیرازی.
لطافة الروح والعلاقة بالشعررمز النجاح والموفّقیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma