أجل، فانّ رعایة هذه الاُمور أدّت إلى أن یتمتع سماحة الاستاذ مع کثرة مشاغله وتعدد أعماله بجسم سالم ونشط بلطف الله، والاستاذ نفسه یتحدّث عن ذلک بقوله:
«إننی فی کل عام أعرض نفسی على الطبیب لیفحصنی بصورة کلیة ونتیجة هذه الفحوص بحمد الله تکون نتائج الاختبارات اللاحقة أفضل من النتائج السابقة، وفی هذه المرة کتب لی أحد الأطباء رسالة تشویقیة مفصلة، ومن جملة ما کتب فیها: إنّ التشخیص الطبی یفرض علیَّ القول بأنّ رمز سلامتکم تکمن فی ثلاثة اُمور: 1 ـ رعایة الصحة فی قلة الغذاء وکیفیته، 2 ـ الریاضة، 3 ـ التسلط على الأعصاب واجتناب الحدّة والغضب، (وطبعاً المستقبل بید الله سبحانه)».
وکذلک فان مراعاة هذه الاُمور أدّى بحمد الله أن یعیش الاستاذ بهذا السن بحالة من النشاط والفعّالیة أکثر من طلاّبه وأصحابه الشباب، حیث یحضر فی جلسات التألیف والتحقیق دائماً فی حین أنّ الکثیر من العلماء فی مثل هذا العمر ومع الأسف الشدید نراهم مبتلون بشکل أو عدّة أشکال من المرض وهبوط الفاعلیة والکسل، ونسأل الله تعالى الصحة والعافیة وطول العمر لجمیع العلماء لخدمة الإسلام والمسلمین وکذلک بقاء الصحة والعافیة لأستاذنا العزیز.
ومن العجیب أننا نرى مع کل هذه التأکیدات من العقل والشرع والتجربة أنّ البعض یذهبون إلى الحصر فی التأثیر فی هذه المسائل بالقضاء والقدر، أو أنّهم سلکوا طریق الافراط ولم یمتنعوا من أی طعام ولم یجتنبوا أی غذاء فیتناولون ما لذّ وطاب من الأطعمة والأغذیة بدون حساب، أو سلکوا طریق التفریط واجتنبوا الطیبات التی خلقها الله سبحانه للإنسان وامتنعوا من تناول النعم الإلهیّة المختلفة.
فی حین أنّ رعایة الملاحظات المذکورة ربّما تزید فی عمر العالم الدینی والربانی عشرین أو ثلاثین سنة، بمعنى أنّ مراعاة هذه الاُمور یمکنها أن تجعل العالم والفقیه یمارس نشاطه فی الدفاع عن الدین والمذهب عشرین أو ثلاثین سنة اُخرى، وفی مقابل ذلک فانّ عدم رعایة هذه الاُمور تؤدّی إلى أن لا ینتفع العالم الذی قضى عمره فی السعی وبذل الجهد وأنفق طاقاته وقابلیاته فی هذا السبیل من هذا العمر الشریف، وفی حین یکون المتوقع أن تثمر هذه الشجرة الطیبة وتنفع الناس بوجودها المبارک فانّها یصیبها الذبول والضعف وتجف فی النهایة وبدلاً من أن یستفید الناس الحد الأکثر من مواهب هذا العالم الجلیل فانّهم لا ینالون من برکاته إلاّ القلیل جدّاً، وهذا الأمر ممّا یؤسف له.
