والملفت للنظر أنّ سماحة الاستاذ نفسه یتحدّث عن مسألة «اخلاص النیّة» بعنوان أنّها تجربة أساسیة فی حیاته بحیث یقرأ قوله تعالى: (وَ الَّذِینَ جَاهَدُواْ فِینَا لَنَهْدِیَنَّهُمْ سُبُلَنَا)ویضعها نصب عینیه لیستمد منها ما یعینه فی مسیرته الخصوصیة والاجتماعیة ویستوحی من مضمونها ما یرسم له معالم الطریق، ویقول:
«إنّ أحد الاُمور التی کانت بالنسبة لحیاتی الخصوصیة والاجتماعیة مصدر إلهام، هذه العبارة القصیرة من الآیات القرآنیة حیث تقول: «و الذین جاهدوا فینا لنهدینّهم سبلنا»(1) ، فتقرر هذه الآیة الشریفة أنّ رمز النجاح والموفقیّة فی حرکة الحیاة یکمن فی أمرین: الجهاد والسعی الدائب (جاهدوا) واخلاص النیّة (... فینا)، وأشعر بالرغبة دائماً فی تجسید هذه الآیة فی مقام العمل والممارسة فلا یحالفنی التعب من السعی وبذل الجهد، وفی نفس الوقت أسعى لتکون نیّتی خالصة، لأننی أعتقد أنّ الهدایة الإلهیة تقوم على هذا الأساس، وأرى أنّ هذا المضمون یمثل تجربتی الأساسیة فی حیاتی، وکذلک أعتقد أنّ مقولة أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أیضاً مصدر إلهام فی حرکة حیاتی حیث أعیشها بجمیع وجودی، وهی قوله(علیه السلام): «کلّ شیء من الدنیا سماعه أعظم من عیانه»(2) فمسألة «الشهرة» تعتبر احدى المسائل التی سماعها من بعید أعظم من عیانها، فعندما نقترب منها لا نرى فیها سوى مجموعة صغیرة من التعقیدات الذاتیة، «المرجعیة» لها رنین واُبهة من بعید، ولکنّها من حیث کونها مقاماً دنیویاً یحصل علیها الإنسان لیست کذلک حیث یراها هذا الإنسان بعد الابتلاء بها أنّها تمثّل دوامة من المشاکل والتعقیدات، إنّ العناوین الدنیویة براقّة من بعید ولکنّها لیست کذلک عندما نقترب منها، بخلاف الآخرة والمسائل المعنویة التی تکون رؤیتها عیاناً أعظم وأهم کثیراً من سماعها».
على أیّة حال فانّ البرکات المعنویة لاخلاص النیّة وتجلّیاتها المختلفة فی حیاة الإنسان والخصوصیة الاجتماعیة والسیاسیة لا تکاد تخفى على أی شخص.