من المعلوم أنّ التوسل والاستمداد بالأنوار الإلهیّة هذه لها دور فاعل فی زیادة التوفیق الربانی للاستاذ على مستوى التألیف وکتابة الکتب، ومن المعلوم أیضاً أنّ دفاع الاستاذ عن مذهب التشیع ومدرسة أهل البیت(علیهم السلام) لأکثر من نصف قرن له دور مهم وأساسی فی نیل العنایات الخاصة لتلک الأنوار الإلهیّة الطاهرة، وما یجدر ذکره عن دفاع الاستاذ عن مدرسة أهل البیت(علیهم السلام)، مضافاً إلى ما تقدّم تحت عنوان «حراسة الدین»، هو أنّ السعی الجاد والمستمر لسماحته فی مجلس الخبراء القانون الأساسی فیما یتعلق بمسألتین: تشریع أصل أنّ المذهب الشیعی الاثنی عشری بعنوان المذهب الرسمی للدولة وطرد الفرقة الضالة البهائیة من کونهم أقلّیة مذهبیة تعیش فی ایران، ویتحدّث الاستاذ نفسه عن هذه القضیة بقوله:
«کنت فی مجلس الخبراء فی قسم المذاهب واللغات، وطبعاً کان فی مجموعتنا أحد الاخوة من أهل السنة وهو المولوی عبدالعزیز الذی کان رجلاً فاضلاً وعالماً وکان بإمکاننا التفاهم معه کثیراً، مضافاً إلى أحد علماء الزردشتیین وأحد القساوسة النصارى وأحد کبار الیهود أیضاً، ومن هذه الجهة فمجموعتنا متمیزة بهذه التشکیلة عن سائر المجامیع فی المجلس المذکور، فلابدّ من عقد جلسات مشترکة مع رموز ورؤساء المذاهب والأدیان فی هذا البلد لنتحدّث عن القضایا المتعلقة بالأدیان ومکانتها فی القانون الأساسی لسن قوانین لازمة فی هذا الشأن ودراستها فی الجلسة العامة، وقد بذلنا جهوداً کبیرة حتى استطعنا ادخال الموارد المتعلقة بالمذهب الرسمی فی القانون الأساسی بأدوات منطقیة وبأسالیب قانونیة على أساس أنّ المذهب الرسمی فی هذا البلد هو المذهب الشیعی الإثنا عشری، فی نفس الوقت تکون الأقلیات المذهبیة فی الجمهوریة الإسلامیة محترمة وتتمتع بحقوق المواطنة ولا تواجه أیّة مشکلة فی حرکة الحیاة فی داخل المجتمع الإسلامی، والعجیب أنّ الفرقة البهائیة الضالة تحرکت فی تلک الأیّام بفاعلیة شدیدة وبرنامج منظم وادعاءات کبیرة من خلال أرقام کاذبة عن عدد نفوسهم فی ایران وأنّ عدد أفراد هذه الفرقة أکثر من سائر الفرق الدینیة الاُخرى، وقاموا باتصالات واسعة من الخارج والداخل وبإصرار
على السماح لهم بحیازة کرسی خاص فی المجلس لتکون فرقة رسمیة ومشروعة، ولکننی کنت على اطلاع تام بتاریخ هذه الفرقة، ولهذا کنت منذ البدایة وعندما کان لی من العمر خمسة عشر أو ستة عشر عاماً فی شیراز، أشترک فی جلساتهم أحیاناً وأقوم بمناقشتهم والتحاور معهم فی هذا الشأن، وفی مدینة قم کنّا نعقد جلسات عدیدة للتحقیق فی عقائد وسلوکیات هذه الفرقة وأنّ أفرادها مرتبطون بالاستعمار قطعاً، فقد ولدت هذه الفرقة فی أحضان الروس وتم ترشیدها فی أحضان الانجلیز ثم جعلوا أنفسهم مطیة للامریکان، والآن فی الوقت الحاضر نجد الکونجرس الأمریکی یدافع عنهم بشدّة ممّا یدلّ على العلاقة الوثیقة بین رموز هذه الفرقة والاستکبار العالمی، فکنت على اطلاع کامل بهذه الاُمور، وکان فی هذه المجموعة بعض الاخوة الأعزاء من رجال الدین مطّلعین کذلک على حال هذه الفرقة، ولذلک وقفنا موقفاً متشدداً أمام طلب هذه الفرقة، وأدّى إصرارهم الشدید إلى أن نضع المادة الخاصة بالمذاهب فی القانون الأساسی بشکل یصطلح علیه فی الحوزة «ینفی ما عداه»، بمعنى أنّ القانون یمنح حق المشروعیة للیهود والنصارى والزرادشتین فقط على أساس أنّ هذه الأدیان کانت مورد حمایة القانون منذ قدیم الزمان وعرفوا فی کتبنا الفقهیة بعنوان «أهل الکتاب» ویطلق علیهم الفقهاء أهل الذمة ولا یشمل هذا العنوان فرقة أو مذهباً آخر، وقد تمّ تدوین القانون الأساسی للجمهوریة الإسلامیة بشکل دقیق بحیث یطرد المذاهب المجعولة من قبل الاستعمار».
وعلى أیّة حال فانّ جمیع هذه التوفیقات نشأت من خلال توسل وتمسک سماحة الاستاذ بذیل ولایة أهل البیت(علیهم السلام) التی کان یعیشها فی أعماق وجوده طیلة حیاته، هذا الارتباط الشدید والعلاقة الوثیقة أدّت إلى تمهید الأرضیة اللازمة لجذب أنوار الولایة أکثر
فأکثر، وطبقاً لما تقدّم تحت عنوان «التشویق وجذب اعتماد الاساتیذ» أنّ سماحة الاستاذ استفاد کثیراً من الأنوار الملکوتیة والقدسیة لأهل بیت العصمة(علیهم السلام) فی حدود قابلیاته وظرفیته بحیث خوطب من قبل الإمام المنتظر(علیه السلام):
«ناصر! سوف تنتفع ببرکاتنا»
