فکر جدید بهیئة جدیدة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
السیرة المبارکة لسماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی (مدّظلّه)
المسائل المستحدثة والحوادث الواقعةکیف یتمّ ترشید قوّة الابداع والابتکار؟

والمورد الخامس والأخیر من الموارد المتعلقة بنبوغ الاستاذ وإبداعه الفکری هو مجموعة الابتکارات فی مجال الفکر الدینی سواء فی مسائل التفسیر، العقیدة، الاجتماع، الأخلاق وغیر ذلک.

ویرى الاستاذ أنّ مجرّد تغییر المقالة والقالب والشکل من دون إجراء تغییر فی المضمون والمحتوى هو أمر غیر ممکن، ویعتقد بأنّ المنهج فی التعلیم الدینی بحاجة إلى تحول جذری مضافاً إلى إجراء تغییرات أساسیة فی کثیر من المسائل، ومن هذا المنطلق تحرک الاستاذ فی کتاباته وتصنیفاته من خلال ابداع اسلوب جدید فی تدوین المفاهیم الدینیة والتعالیم الإسلامیة(1)، فقد کان الاستاذ فیما مضى یدرّس طلابه أسالیب الکتابة ویصرّ دائماً على لزوم تجنّب التکلّف فی الکتابة وترک التعقیدات البلاغیة والمفهومیة، وسیأتی الکلام عن سلاسة قلم الاستاذ فی المواضیع اللاحقة.

وبنظرة فاحصة إلى «التفسیر الأمثل» من هذه الزاویة نرى ـ ولعله لأول مرّة ـ وجود تقسیم للبحوث التفسیریة إلى قسمین أساسیین:

1 ـ البحوث التوضیحیة والأدبیة المتعلقة بظاهر الآیات والجمل والمفردات.

2 ـ الملاحظات والمعطیات.

وبهذه الصورة تجلّى هذا التفسیر بشکل مقبول لدى الذهنیة المسلمة فی مجال المفاهیم التفسیریة لجمیع الناس على اختلاف مستویاتهم الثقافیة، وهذا یمثّل أفضل شاهد على المدّعى، وهذا المنهج نجده بشکل أکمل فی تفسیر «نهج البلاغة» حیث یبتدىء الاستاذ فی هذا الکتاب بالتحقیق والبحث فی سند الخطبة (وبالطبع فانّ الهامش یختص بالجهات الفنیة واللطائف العلمیة التی تخرج عن دائرة اهتمام العامة من الناس) ثم ینطلق الاستاذ فی شرح الخطبة بعد تقسیمها إلى عدّة أقسام منسجمة ومتناسبة، أی أنّه یشرع بتفسیر وشرح کل عبارة منها بصورة مستقلة ویبیّن مراد المتکلّم ومضمون العبارة منها وارتباطها بما قبلها وبعدها، وفی المرحلة الثالثة یبیّن الاستاذ الملاحظات والمعطیات فی هذا المقطع من الخطبة الکریمة تحت عنوان مناسب، وفی المرحلة الرابعة نجد اهتماماً بمعنى المفردات اللغویة والمعقدة وذلک فی الهامش «وهذا الموضوع أیضاً خارج دائرة اهتمام العامة من الناس»، وفی آخر مرحلة نقرأ ترجمة فارسیة لهذا المقطع من الخطبة.

هذا الاسلوب من البیان والشرح الذی یحلل فی طیاته العبارات الصعبة والمغلقة فی الظاهر من خطب نهج البلاغة ویقدّمها للخاص والعام بشکل مریح للذهن وسهل الهضم، هذا بنفسه دلیل واضح على المدّعى، کما هو الحال فی مجلة «مکتب اسلام» لسماحة الاستاذ حیث نجد فیها هذا المنهج المبتکر فی عرض المعارف الدینیة والمفاهیم الإسلامیة بقوالب عصریة مناسبة لذلک الوقت.

المورد الآخر: التفسیر الموضوعی «نفحات القرآن» الذی یعد ـ انصافاً ـ منهجاً جدیداً وإبداعاً فی دائرة العرض والبیان وهو عبارة عن دورة کاملة فی اصول العقائد والمعارف الاعتقادیة والأخلاقیة فی القرآن الکریم، ومن الجدیر أن یکون هذا الکتاب، کما ذکر ذلک بعض اساتذة الحوزة العلمیة، کتاباً دراسیاً فی الحوزات العلمیة.

وقد تحرک الاستاذ فی هذا الکتاب من منطلق بیان وبحث جمیع المواضیع المتعلقة بالعقیدة الإسلامیة من باب فلسفة المعرفة إلى مباحث المعاد والعدل والإمامة، وکذلک البحوث المتعلقة بالحکومة والأخلاق الإسلامیة فی الآیات القرآنیة (مع تطعیمها بالروایات الشریفة والنکات التاریخیة المتعلقة بها) وذلک بأن یبدأ البحث باستعراض مجموعة الآیات المتعلقة بذلک الموضوع العقائدی، ثم یشرع الاستاذ بأسلوبه السلس ومنهجه التفسیری بشرح وبیان معانی الآیات الکریمة بعد ترجمتها، ثم یبیّن الملاحظات المهمّة المستخلصة من فذلکة هذه الآیات وعلاقتها بالموضوع العقائدی محلّ البحث،وهکذا یأتی على بقیت الآیات الکریمة.

المورد الرابع: کتاب «أشباه الفلاسفة» فبغض النظر عن الابداع المهم فی محتویات ومضامین هذا الکتاب (کما تحدثنا عنه فی الفصل السابق) فإنّه قد بلغ الذروة فی عالم الابداع والتجدید على مستوى عرض المفاهیم وبیان المواضیع العلمیة فی هذا الکتاب ولا سیّما الکتب فی دائرة الحوزة العلمیة والدراسات الدینیة، لأنّه أولاً: قد مزج النقد العلمی للمارکسیة والمادیة بالحقائق الاجتماعیة والتاریخیة الجذّابة.

وثانیاً: تمّ اخراجه بشکل قصة رائعة تتناول موضوعاً علمیاً معقداً، ویحدثنا الاستاذ فی هذا الصدد فی مقدمة هذا الکتاب:

 

«لقد کنت منذ سنوات أقرأ وأتأمل (فی المذهب المارکسی والعواقب الوخیمة المادیة والمعنویة المترتبة على هذا الفکر الخطیر تجاه المجتمع البشری، ولکنّ المانع الکبیر الذی یتجلّى للباحث قبل کل شیء هو عدم اطلاع أغلب الناس على المصطلحات الفلسفیة الجدیدة والقدیمة، ولذا قمنا بحذف هذه المصطلحات أو تبدیلها بعبارات سهلة ومیسورة، بدون أن تفقد قیمتها الحقیقة، مضافاً إلى ذلک فانّ المواضیع العلمیة المذکورة فی هذا الکتاب تمّ دعمها بمجموعة من الحقائق التاریخیة والاجتماعیة الجذّابة من أجل تسهیل فهم مضامین هذا الکتاب وتمّت صیاغتها فی قالب قصصی جمیل»(2).

ولذلک لا نتعجب إذا رأینا إنّ هذا الکتاب تکرر طبعه (أربعین مرّة) وحظى باستقبال واسع فی صفوف المؤمنین.

المورد الخامس: «کیف نتعرّف على الله» حیث ذکر سماحة الاستاذ فی مقدّمة هذا الکتاب:

«إنّ الفلاسفة اختاروا طریقاً خاصاً لمعرفة الله، واختار علماء الکلام طریقاً آخر، وعلماء الحدیث اختاروا بدورهم طریقاً ثالثاً، ونأمل أن نسلک فی هذا الکتاب طریقاً یجمع بین مزایا جمیع تلک الطرق، وفی نفس الوقت نتجنّب نقاط الضعف فیها، وذلک سعینا على مستوى جمع تلک البحوث وإدغامها وسلوک طریق معتدل یوصلنا إلى الحقیقة بشکل أفضل»(3) .

وعلى أیّة حال فانّ الفکر الجدید یتطلب عرضاً جدیداً وصیاغة جدیدة فی الاسلوب لأننا نرى فی هذا العصر الجدید مستمعین وقراء جدد، وذلک یقتضی صیاغة المعارف والمفاهیم الدینیة صیاغة جدیدة ویتمّ تبلیغها إلى الناس بأحدث الوسائل والإرتباطات وأجهزة الإعلام، فالاستاذ کان ملتفتاً بدقّة إلى المتغیرات الکبیرة التی حدثت فی هذا العصر وکتب فی مقدّمة کتابه «دوافع ظهور الأدیان» یقول:

«إنّ تصادم الأفکار فی عصرنا الحاضر، عصر ثورة الارتباطات والمعلومات الهائلة، أمر حتمی وغیر قابل للاجتناب، إنّ صراع العقائد والحضارات فی عصرنا أوسع وأعمق بکثیر من الحروب العسکریة، ووجود أدوات الإعلام المتطورة والأجهزة الدقیقة فی مجال نشر الثقافات قد زاد فی مساحة هذا السجال والصراع الثقافی بحیث إنّ نصف سکان المعمورة «ملیاری شخص تقریباً» یتمکنون من مشاهدة مباراة لکرة القدم مثلاً بهذه الأجهزه المتطورة فوراً وفی وقت واحد، أو یتمّ طبع مجلة أو صحیفة بعدّة ملایین من النسخ وتوزع فی خمس قارات فی العالم، ومن ذلک ندرک جیداً أهمیّة صراع وتصادم العقائد من خلال الاستفادة من هذه الأجهزة المتطورة، ولإدراک أهمیّة هذا الموضوع یکفی أن نعلم أنّنا إذا أردنا أن نعقد جلسة فی کل یوم یبلغ عدد الحضار فیها ألف نفر فانّ توفیر ذلک العدد الغفیر من المستمعین سوف یستغرق ستة آلاف سنة، أی یستغرق جمیع التاریخ البشری المرقوم، أو إذا أردنا طبع کتاب منذ بدایة التاریخ البشری إلى الآن فی کل سنة مرّة بمقدار مائة ألف نسخة، فستکون بمجموعها بمقدار نسخ إحدى الصحف الیومیة فی بلادنا فی الوقت الحاضر»(4).

وفی ختام هذا الفصل نرى من الضروری الإجابة عن هذا السؤال، وهو أنّ مثل العقل المبدع والخلاّق هل یوجد فی جمیع أفراد البشر أو یحظى به بعض الأفراد فقط؟ وعلى أیّة حال کیف نتمکن من ترشید قوّة الابداع فی العقل البشری وتجسیدها فی الواقع الفعلی؟

بالنسبة إلى جواب السؤال الأول، ینبغی القول إنّ هناک شواهد من الآیات والروایات تدلّ على أنّ جمیع أفراد البشر یمتلکون نوعاً من الابتکار وبالابداع بالقوّة، وأساساً فانّ هذا الأمر یعد من امتیازات النوع البشری على سائر الأنواع، ویمکن أن تکون الآیة الشریفة (عَلَّمَهُ الْبَیَانَ)(5)، ناظرة إلى هذا المعنى.


1. لا شک أنّ الابتکار فی عرض المفاهیم الدینیة یختلف عن ا لابتکار والابداع فی عملیة خلق هذه المفاهیم، فالکثیر من الأشخاص یتمتعون بذهن خلاّق ولدیهم أفکار جدیدة وبدیعة إلاّ أنّهم بسبب عدم جودة العرض والبیان فإنّه لا یستفاد من ابداعاتهم الفکریة بالشکل المطلوب.
2. مقدّمة کتاب «فیلسوف نماها» (بالفارسیة).
3. مقدّمة کتاب «خدا را چگونه بشناسیم» (بالفارسیة).
4. «انگیزه پیدایش مذاهب» (بالفارسیة).
5. سورة الرحمن، الآیة 4.
المسائل المستحدثة والحوادث الواقعةکیف یتمّ ترشید قوّة الابداع والابتکار؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma